الليلة السابعة عشر
تبختر الفتى في ذاكرة الوطن والعشق, اثقلته مشاويره الصامتة, هذا الرصاص يخزّ وطيفها المشتهى يمسّ شغافه بلا لين , حب وحرب ولقاء عشق يشق أثواب المحال , على الطريق صوت بكاء وقُبلة , أزهار فل و أنين , مساران هو العشق عيونها والوطن ,والشوق قماط يلفّه , ( طفولية صرخات احتياجنا ) قالها وهو ينبش أشيائه الداخلية , زادت قناعته أن الوقت معاند و أن العشق مرهون (بالتكتكات) , غزالة في اللقاء وسلحفائية في تراتيل الشوق .
رتّب كل نبضات الوطن في عمق الذاكرة و اصطفى واجهة لعطر معشوقته البربرية , تفقّد الوردة الحمراء وأنفاسه المتعبة , دوزن بوصلته نحو الليل ومشى وفي ذهنه ألف سؤال وشوق , تسلق المساء ( مقاتلا وعاشقا ) بين صوت الأرض وعطرها الهاطل من السماء ,يردد اسمها ويتنشّق عطر الشهداء العائد للسماء , يرهقه هذا الإحلال السماوي , لا يخرجه منه سوى ابتسامة الأرض الغامزة بمعرفتها لدورة الزمن و أن الزهر لا يموت قبل أن يزرع في رحم التربة قبائلا وقبائلا , لازالت الوردة الحمراء في كفه ولازال الليل يقترب ,وهدير معشوقته يردد وقتا غير الوقت ويروي حواس الطريق والقمر .
هنا حيث العشب العربي ينموا سيكون اللقاء , اشعل قناديل أصابعه الخمس وابقى خمسا للحوار , جمع عشر قصائد غزل جاهلية, وضّبها وسادة ولحاف ,تفقّد خمر فمه و اتكأ على أول نجمة ليلية , يا لهذا النهار الهابط من السماء يا لرحيق التاء الكافر بكل صنوف السكات يا لقابلية الموت والحياة , كلما اقتربت هزّهُ شيء من المستحيل وانتفضت ألوانه بسخاء , أحبكِ ( ذاتها الكلمة العاجزة عن ترجمته ) تبسمت عيناها , اقتربت , أشتاقكِ , توحدت , سكت المكان وتبادلا سر الشوق دون صوت , لازال خمر فمه يُسكر ولازال نبيذها حياة , تشابكت خمسه بخمسها , وخمسه مشعلات قناديلا وخمسها تخبئ دعاء الأمهات وسيف جدّها , ذابا حد البلل و , قالا شهوة القول
قبل أن يدق رنين النجمات ويعلن صحو النحلات وتتثائب ليلة من أبهى الليلات