أُفتنُ، وأيُّ امرئٍ لا يُفتنُ، وأعشقُ، وهل يصمدُ في وجه العشقِ مُفْتَنُ؟!.
أهيمُ في عوالمكِ التي لا تكفُّ عن دعوتها لي على غير عمدٍ!. أتفهمين ذلك؟!.
تلك العوالم التي ما انفكت تفتلُ حبلَ ثقتي بالواجبِ فعلهِ أثناء نداءٍ فاقَ ترددَّ الأصوات، وسرعة الضوء في طريقةِ اتصاله بشيءٍ منِّي لا أعرفُ كنهه؛ ولكنني أدرك بأنَّ ذلكم الشيءَ لا يملكُ إلا أن يستجيب، ويدع تحليلات التشاكل والائتلاف، واتفاق الأخلاق والاختلاف، لِمَن تشاكَلَ العجْزُ فيهم على ألا يجدوا تفسيراً منطقياً صحيحاً يعني بعضاً مما ألمَّ بي!.
وماله لا يستجيب وقد أشار لهُ من لا يعلمُ إلا لغةَ الإشارة، ودعاه من لا يعرفُ إلا صدقَ الدعوة، وهو من اتَّخذَ له في ذلك من الطبيعةِ طبعاً لا يرومُ به أحداً بعينه، ولا يقصدُ فيه شخصاً بذاته، فدأبَ يدعو إلى تأمُّلِ عُقَدٍ نَفَثَها شَطْرٌ من الجمالِ فيه على أنَّها الدليلُ الماديُّ الأوحد لاستحالة الجمال بشراً في هذه الحياة الدنيا، ثم إنَّه يأبى إلا أن تراه قُبلةَ القمرِ على وجه الأرض!.
واللهِ إنَّه لَسِحْر، ثمَّ والله إنَّه لَسِحْر، ولا أعلمُ له تزكيةً إن كان حلالاً، ولستُ بِمَنْ يجرؤ على أن يستفتيَ فيه قلبه؛ ولكنني أأخذُ منه الموضعَ اللغويَّ الأول الذي وُضِع فيه فأجد لهذا من ذاك خفاء الباعث، وشدةَ التأثير؛ غير أنَّه في شغفي بكِ جديدٌ ولا يبطُلُ، ولعمري في ذلك الحتفُ والقضاء!.
وأسألكِ وأنا على قدرٍ من الفهمِ الذي لا يشغَلُكِ في سحركِ هذا، ما بال سهامك تصيبُ بعضاً وتخطئ بعضاً، وما بالُ العاقل مني تولى ساعةَ أن ترجلَّت مفاتنكِ، وما بالُكِ تشحذين اهتمامي من حيثُ ألا تعبئين بي، وما بالكِ تُعطين من حيثُ تأخذين، وما شأنُ الذي يعلم يُسقِطُه جهلكِ؟!.
وما شأنكِ في أن تكوني سبباً لسعادتي ونتيجةً لشقائي، وما حكاية تجردي من المكنونِ الذي شكَّل بي شخصاً لا يأوي إلا إلى نفسه!.
أعلمُ، ويا ليتَ أني ما علمت بأنَّك لو دعاكِ اللطيفُ من الواقع أثناء تشبب ذلكم الوقتُ فيكِ ولمحتِني، لما زِدْتُ على أن أكون مما يَقَعُ عليه نظرك؛ وحيِّزاً لا تبالي به حاستك؛ ولكنني أقنعُ بذلك، وأعدكُ بأني لن أبرح أرضي من ذلك المشهد، ولن أُعْمِل تفكيري فيما بعده، وسأرتضي بأن أكون كما تكونين دائماً جائرةً منصفة!.
على أنني ما زلتُ أعشق....
تقول عُلَيَّة بنت المهدي:
وُضِع الحبُّ على الجورِ فلو / أنصفَ المعشوق فيه لَسَمُج
فقليلُ الحبِّ صرفاً خالصاً / لكَ خيرٌ من كثير قد مُزِج