وامعتصماه
.
فِي يَوْمِ العَارِ انْتَفَضَ الكَلْبُ لِيَنْفُثَ شَرَّهْ
وَانْتَفَضَتْ -قَبْلَ رِجَالِ الوَطَنِ الثَّائِرِ- حُرَّةْ
كَانَتْ تِلْكَ اللقْطَةُ رَغْمَ مَرَارَتِهَا لا تُنْسَى
مَاتَ الكَلْبُ الحَيُّ
وَعَاشَتْ تِلْكَ الدُّرَّةْ
&&&
كَانَتْ
–بِاسْمِ ذُكُورٍ قَدْ خَذَلُوهَا-
تَطْلُبُ فِي المِيدَانِ قَلِيلًا مِنْ حُرِّيَّةْ
حِينَ تَحَرَّرَ بَعْضُ جُنُودِ الوَالِي
-وِفْقًا لأَوَامِرِ سَيِّدِهِمْ-
مِنْ كُلِّ رِبَاطٍ يَرْبِطُهُمْ بِالإِنْسَانِيَّةْ
طَرَحُوهَا أَرْضًا ؛
سَحَلُوهَا ؛
رَقَصُوا فَوْقَ الجَسَدِ العَارِي
وَاغْتَالُوا طُهْرَ الجُنْدِيَّةْ
نَادَتْ: "وَامُعْتَصِمَاهُ .. أَجِرْ عِرْضِي"
وَالمُعْتَصِمُ بِغَيْرِ سِلاحٍ فِي المِيدَانِ
وَثَوْرَتُهُ سِلْمِيَّةْ
&&&
رَحِمَ اللهُ زَمَانًا
كَانَ المُعْتَصِمُ إِذَا نَادَى وَجَدَ رِجَالا
فَالمُعْتَصِمُ اليَوْمَ يُنَادِي
لا يُسْمِعُ عَمًّا أَوْ خَالا
وَجُيُوشِ الوَالِي تَتَوَالَى ؛ وَجُيُوشِ المُعْتَصِمِ ثَكَالَى
وَسَفِيهُ القَوْمِ مُحَدِّثُهُمْ
وَالنُّخْبَةُ تَلْبِسُ خَلْخَالا
&&&
يَا أَشْرَافَ القَوْمِ اخْتَبِئوا
فَحَيَاةٌ فِي ذُلٍّ خَيْرٌ مِنْ مَوْتٍ فِي ثَوْبِ كَرَامَةْ
وَالوَالِي كَالنَّهْرِ الجَارِي
وَعَرُوسُ النِّيلِ تَقُرُّبِكُمْ
وَجُفُونُ الوَطَنِ تَقَرُّ بِكُمْ
فَالمَرْأَةُ قُرْبَانٌ ..
قُدِّمَ مِنْكُمْ لِجُنُودٍ تَحْمِيكُمْ
وَالبَوْحُ بِقُرْبَانٍ خِزْيٌ ؛ وَالصَّمْتُ -مَعَ الجُودِ- شَهَامَةْ
لا تَشْتَعِلُوا حَرْبًا
مَنْ أَخْبَرَكُمْ أَنَّ الحَرْبَ سَتَجْمَعُ يَوْمًا مَا بَيْنَ جِهَادٍ وَسَلامَةْ؟
لا تَنْتَظِرُوا جَيْشًا مِنْ فِرْسَانٍ
تَعْرِفُ كَيْفَ يَكُونُ جِهَادُ النَّفْسِ
وَكَيْفَ يَكُونُ الدَّمُّ حَرَامًا
لا تَنْتَظِرُوا
لا تَنْتَظِرُوا
لا تَنْتَظِرُوا
فَلَقَدْ مَاتَ أُسَامَةْ
&&&
صِرْتَ ضَعِيفًا يَا مُعْتَصِمُ
فَقَدْ تَرَكُوكَ وَحِيدَا
مَا بَيْنَ عَدُوٍّ
مُلِّكَ أَمْرَكَ
وَاسْتَقْوَى بِالغَدْرِ لِيَشْرَبَ مِنْ دَمِكَ المَسْفُوكِ مَزِيدَا
وَرُوَيْبِضُةٍ
أَفْتَى جَهْلًا حَتَّى دَخَلَ قُلُوبَ النَّاسِ
وَصَارَ عَدِيدَا
وَشُيُوخٍ مِنْ حَوْلِ الكُرْسِيِّ نَرَاهُمْ
لا نَسْمَعُ مِنْهُمْ تَنْدِيدَا
وَدُعَاةٍ –زُورًا- لِلسِّلْمِ .. أَشَاعُوا فِي الأُمَّةِ تَهْوِيدَا
.
صَبْرًا صَبْرًا يَا مُعْتَصِمُ فَلَيْسَ عِمَادُ الدِّينِ فَقِيدَا
وَلَكَ الحُسْنَى
فَارْجِعَ مَنْصُورًا
أَوْ فَاصْعَدَ -مِثْلَ عِمَادِ الدِّينِ- شَهِيدَا
&&&
يَا مُعْتَصِمُ
أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهْ؟
نَصْرُكَ لَيْسَ بِسَيْفِ النَّاسِ
فَكُنْ سَيْفَ اللهِ المَسْلُولَ عَلَى مَنْ ظَلَمَ وَقَتَلَ وَصَعَّرَ خَدَّهْ
يَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ اغْتُصِبَتْ فِينَا امْرَأَةٌ
وَرَأَيْنَاهَا
لَكِنْ لَمْ نَتَحَرَّكْ
أَنْتَ الفَارُوقُ
وَلا فَارُوقَ اليَوْمَ لِيَدْفَعَ جُنْدَهْ
مَاذَا نَفْعَلُ يَا فَارُوقُ؟
وَقَدْ وَعَدَ الحَاكِمُ أَنْ يَنْصُرَهَا
لَكِنْ أَخْلَفَ وَعْدَهْ!
&&&
يَا أَيَّتُهَا المَرْأَةُ
لَسْنَا مِثْلَكِ شَرَفًا وَعَطَاءً وَإِبَاءْ
لا تَسْتَجْدِي قَوْمًا مَاتُوا
ظَنًّا أَنَّهُمُ أَحْيَاءْ
فَلَقَدْ سَقَطَ رِدَاؤُكِ عَنَّا
وَسَيَنْصُرُكِ اليَوْمَ نِسَاءْ
لا تَبْتَئِسِي
فَلَقَدْ مَاتَ رِجَالُ العُرْبِ
وَلَكِنْ ...
قَدْ بَقِيَتْ حَوَّاءْ
***
وائل القويسني
رؤية تحليلية في قصيدة "وامعتصماه " والرمزية في شعر التفعيلة للشاعر د.وائل القويسني
إنه أسلوب برع فيه الشاعر حيث أنه اعتمد الرمزية أسلوب أساسي في شعر التفعيلة لديه
على عكس قصائده العمودية والتي غالبا مايقل فيها استخدام مثل هذه الرمزية
واعتماد الرمزية في هذه القصيدة قد أثرى النص بشكل كبير فزاد القصيدة جمالا على جمالها
والرمزية في شعر د. وائل رمزية مركبة ممايزيد القصيدة روعة
وهنا سأحاول الغوص معكم بين حروفها في محاولة للوصول لرؤية تحليلة أتمنى أن تفيها جزءا من حقها
استهل الشاعر القصيدة بكلمة جامعة مانعة تحمل بين جوانبها الرمز والمباشرة في آن واحد فهي مباشرة في معناها رمزية فيما يتعلق بالترابط الزمني بين الماضي والحاضر فمعناها الذي أصبح يلتصق بكل عربيٌّ "العار"
وكأنه كلمة مرادفة للعربيّ فهي تملك الكثير من الدلالات فالعار أصبح جزء من حياتنا اليومية يتجسد في كل مايحيط بنا
عار من أحوالنا في فلسطين عار من أحوال إخواننا الذين يحتمون من المطر بجلودهم في ظل أن غيرهم يسكن القصور ولايبالون
عار على كل رجل يستبيح لنفسه ماليس له ومالايملكه
عار على كل امرأة تستبيح أسرار الآخريين وتغتابهم
عار لكل من تسول له نفسه ممارسة الأخطاء تحت مسمَّى الحرية الشخصية
ولقد تجسد هذا العار ذاك اليوم بشكل فاق الحد
فلقد استباحوا كرامة هذه المرأة من بدء تمزيقهم لملابسها حتى تقاذفهم جسدها وكأنه كرة يتقاذفونها بعنفٍ وضراوةٍ وشراسةٍ لامثيل لها
فمزقت كرامتها أشلاء ومزقت معها كرامة كل نساء ورجال هذا الوطن
انه يوم عار تجسد فيه العار بشكل لم يسبق له مثيل
فهل ساهمت هذه اللقطة في إيقاظ النخوة فينا أم أننا نلوم الفريسة لأن الذئب أجهز عليها