أيُّ حبِّ غفا كالطفلِ في حضنِ عينيكِ, أيُّ ليلٍ صحا من نعسِ جفنيكِ , أيُّ حكمٍ قضى على الأفقِ فوق حاجبيكِ , أيُّ ربيعٍ زها من وجنتيكِ , بل أيُّ حياةٍ جذلانةٍ تبسّمَ الحرفُ لها في شفتيكِ , معشوقةٌ أنتِ تختالُ بين المقلِ والأفئدة وترحلُ معَ العمرِ على سفائنِ الحبِّ في ثورةِ دمي , تفردين أشرعةَ عناني لكأنّ الأشرعة تجلبُ خلفها الرياحَ بآهاتي ولوعاتي , كلَّ شهقةٍ تحترقُ فيها نبضاتي ويصطلي وترُ الشوقِ عازفاً أنغامَ اللهفةِ , وأنتِ معشوقةٌ منعّمةٌ هانئةٌ في شتاءِ النهارِ وربيعِ الليل , في أنهارِ الأرضِ وسحبِ السماءِ .
أشتاقُ إليكِ ولكِ أتحمّل عناء المسافاتِ وأملأ فراغَ الوحدةِ بمناجاةِ خيالكِ , أنسجُ وسائدي بنظراتكِ الكسولاتِ أتأمّلُ شواردَ الغرامِ من خجلِ مقلتيكِ وتورّدِ خدّيكِ , يا ذاتَ الصفاتِ المستحيلة بربّكِ لو كان البدرُ في راحتيكِ أناء الدجى أيناجيهِ السهارى أم يناجون جبينكِ , لو يتغرّبُ الربيعُ عنكِ أيأتي النحلُ بالشهدِ , كيف تنامُ عينٌ ما قرّتْ برؤيتكِ كيف تبرأُ جراحٌ ما لامست يديكِ كيف يهداُ قلبٌ في حنايا تبحثُ عن ساعديكِ .
أيتها الراحلةُ عن ساكنِ حبّكِ وعاشقِ نبضكِ هلِ ارتديتِ وشاح الهوى* ! هل عشقتِ ! هل تمزّقتِ شوقاً ! لا , أنتِ معشوقةٌ لا عاشقة فاتنةٌ لا مفتونة تسلبين طاقاتٍ تستمدُ قواها من حسنكِ وجمالكٍِ الذي يتنفّس آهاتِ العاشقين ويرتوي من دموعِ الساهدين ويتغذّى من جراحِ المتألمين , أنتِ التي تتوقُ بشغفٍ لها مهجتي فاستبيحي اللقاء علّ قلبي يموتُ في حضنِ عينيكِ .