( الرسالة الثالثة )
عرفتها بطريق الصدفة .. أحببتها كثيراً .. بل عشقتها لدرجة الهيام .. ربطتنا علاقة وطيدة .. كانت مطلقة للمرة الخامسة .. عمرها 42 عاماً .. أكبر مني بثمانية عشر عاما .. أمٌ لبنتين وولدٍ وآحد .. .. فارقُ السن لم يكن يشغلني ولا يشغلها .. ولا حتى الأولاد .. عشتُ وإياها قصة حب أفلاطونية خلابة ..
كانت تتلقى مكالماتٍ هاتفية من مطلقها الأخير .. يطلبُ منها العودة إليه .. ومن مطلقها الأول أبو أولادها الثلاثة بخصوص احتياجات الأولاد .. وتتلقى مكالماتٍ أخرى بخصوص عملها .. وتقابلُ أشخاصاً آخرين ..
كنتُ أثقُ بها .. أراها عاقلة .. بعيدة عن الشبهة .. ما أظنُ بها إلا خيراً ..
رغمَ أنها كانت تلاحظ عليَ بعضَ الضيق مما يجري .. وتبادرني بقولها : ( ما يملكُ قلبي رجلٌ سواك .. أنتَ حبيبي .. لا تهتم ولا تشغل بالك .. ) ..
كنتُ أزورها في بيتها .. أعطتني كلُ ماتعطيهِ المرأة لزوجها .. كانت تغارُ عليَ كثيراً .. وتحبني بجنون .. توطدت علاقتي بأولادها كثيراً .. وبأهلها .. وقطعنا على نفسينا عهداً بالزواج .. حلمنا سوياً بحياتنا وبمستقبل حبنا .. أصبحتُ لا أتصور حياتي بدونها .. أعطيتها كلَ شيء .. كلَ شيء .. أخذتني من أهلي وأصدقائي وعملي .. أهملتُ كلَ شيء سواها .. فلم يعد لي في الوجود إلا هيَ .. جميلة .. وعذبة .. ورقيقة .. حبيبتي ..
فجأة وبدون مبرر .. تغيَّرت .. أصبحت تتصنعُ أسباباً للشجار .. وتشكُ بي .. وتتهمني بتهم وآهية .. حتى أنها اتهمتني بأنني سحرتها وسحرتُ أولادها .. طلبت مني الإبتعاد .. وآجهتها .. قلتُ لها أن ما تطلبهُ مني ضربٌ من الجنون .. ذكرتها بأيامنا .. بحبنا .. بأحلامنا .. لكنها أصرت بحدة .. كانت تصمني بأبشع الأوصاف .. وتتلفظ عليَ بأبشع الألفاظ .. أشعرُ بألم شديد وأنا أكتبُ لكَ هذه الكلمات .. ومدامعي تغلبني ..
دخلتُ إلى المستشفى عدة مرات .. كنتُ أعاني في كل مرة من هبوطٍ حاد .. منذُ ثمانيةِ أشهر لم أسمع صوتها .. ابتعدتُ عنها .. لكنني لا أستطيعُ أن أنساها .. لا أجدُ الاستقرار في حياتي ولا راحة البال .. أريدها .. أريدُ حبيبتي .. دلني كيفَ أعيدها .. أرجوك ..
[line]
( رد الرسالة الثالثة )
.. أشعرُ بكَ كثيراً يا عزيزي .. هوِّن عليكَ .. لا تُحمّـل نفسكَ همّـاً .. ولا تبتئس ..
.. يجبُ أن تعلم بأنها إنسانة مريضة نفسياً .. وأنتَ كذلك .. وكانَ لا بدَ أن تتبينَ هذا من الأساس .. يجبُ أن تؤمن بحقيقةِ ما أقولهُ لكَ لنستطيعَ أن نتحاور على قاعدةٍ ثابتة ..
عزيزَ قلبي .. مشكلتها كبيرة .. وأتمنى أن تجدَ الخلاص مما هيَ فيه .. أما مشكلتك أنتَ فيسيرة وسهلة إن شاءَ الله .. أريدُ منكَ أن تعلم يقيناً أنني أشارككَ أدقَّ أحاسيسك - وعليهِ فلابدَ أن تأخذ َ كلامي على محمل الحب - اترك حبيبتكَ الآنَ جانباً لبعض الوقت .. ولنتحدث عنكَ أنت .. افترض أن ما جرى هو دراما تليفيزيونية نشاهدها معاً .. شابٌ في مقتبل العمر التقى بسيدة أربعينية بمحض الصدفة عرفَ أنها طلقت لخمس مرآت عندها أولاد إلى آخره .. ألا تعتقدُ أن المفترض أن يتسآئل لماذا طلقت من خمس رجال .. !! ؟ .. احتمالٌ ضئيل أن يكونَ الخمسة سيؤن ..
فارقُ السن معَ الحب ليسَ مشكلة .. فكلنا يعرفُ أن رسولنا وحبيبنا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلم تزوجَ من أمنا السيدة خديجة رضيَ اللهُ تعالى عنها وهيَ تكبره بما يزيدُ عن العشرينَ عاما .. وكانَ عليهِ أفضلُ الصلاةِ والسلام في ريعان ِ شبابه ..
لكنَ اختياركَ أنتَ كانَ خطأ منذُ البداية .. ربما انسقتَ في هذا الاتجاه لافتقار روحِكَ إلى الحنان والعطف ..
حبيبتكَ تعيشُ معاناةٍ مع نفسها .. كانَ لابدَ أن تدركَ ذلك من البداية .. كانَ لا بدَ أن تفهمها قبلَ أن تتوطد علاقتكَ بها .. أنتَ ربما آذيتها من حيثُ أردتَ أن تسعدها .. لا يُخالجني شكٌ بصدق حبك وطيبةِ قلبك .. لكنكَ أخطأت .. لابدَ أن تملكَ الشجاعة لاعترافٍ مهم كهذا ..
من مأثور القول : { أحْببْ حبيبكَ هوْناً ما عسى أنْ يكون بغيضَكَ يَوْما ما ، و أبغض بغيضَكَ هوْناً ما عسى أن يكون حبيبَكَ يوْماً ما } .
وتذكر دائماً .. لا تسرف في الحب ولا في العطاء .. فإن كل ما قدمته يمكنُ أن ينسى .. بمجردِ أن تخطيء أو تتوقف ..
لن أدعوكَ إلى التفكير .. فإنني أعلمُ أن الحبَ ليسَ عاقلاً .. فالحبُ مجنون .. وأعلمُ أن الحبَ لا يموت .. لكنني أعلمُ أيضاً أن المحبوبَ يموت .. إذاً فلتفترضْ معيَ موتها الآن .. مجرد افتراض .. كلنا فقدنا أحبة ً لم نكن نتصور أن تستمرَ الحياة ُ بدونهم .. حاول أن تصِلَ بهذا الافتراض إلى أعماقك ..
الآن .. وفوراً .. لابدَ أن ترتبط َ بغيرها .. بهذه القناعة .. تغلب على نفسكَ .. قاوم .. تزوج بأقصى سرعة ممكنة .. وإلى حين هذا الفور .. تخلص من أيّ شيءٍ يُذكركَ بها - هدآيا أو صور أو رسائل - .. سافر لبعض الوقت .. سجل في منتدى رياضي .. كثـِّف أعمالك .. حرك جسدك بأعمال يدوية أكثر .. داوم على الصلاة في وقتها .. كل هذا على الفور ودونَ تردد ..
ستجدُ أن الأمر تغيرَ تماماً .. وسأنتظرُ رسالة ً منك ..
.. جوآنبُ جميلة كثيرة في حياتنا - تستحقُ أن نعيشها - لا نرآها في غمرةِ مشاكلنا ..
وبعدَ أربعةِ أشهر وصلتني رسالته بالنتآئج المنتظرة
عبدالله بن عبدالكريم الخميس
.. ورسائلُ أخرى تتبع إن شاء الله ..