سلام الـلـه عليكم
رؤية شخصية في قصة "مازلت هناك" للأديبة ريمة الخاني ( أم فراس )
بدأت أفكّر بالعنوان منذ اللحظة الاولى التي وقعت عيناي عليه , وبدأت معها الافكار تذهب بي شتى المذاهب , ثم غصت في مشهد لفتاة عامللة مجتهدة , لم ألمح فيها كونها صيدلانية متخصصة , بل عاملة في صيدلية , وتخلل المشهد بعض فلسفات المهنة , وخصوصياتها اليومية , ثم انزاح المشهد , ليعطينا صورة لحياة شخصية القصة , فهي فتاة يتيمة , فقدت والدين مكافحين , ونشأت مكافحة بطلة , وبعدها انتقل المشهد الى جسر درامي , تم من خلاله الانتقال الى التوتر الاعلى , توغلا في فكرة القصة ومرماها , وليتم رسم مشهد اجتماعي تقليدي , في البحث عن النصف الآخر , سنة الـلـه في خلقه , مع اختلاف الأساليب من مجتمع الى آخر , ومن فرد الى آخر :
" أصبح الهروب كل يوم إلى ذاك المكان ملاذا آمنا ترى النور وعالما لاينتهي.....
هناك رأته ورآها....أحبها بهدوء السنين ومرورها...وأحبته مستقبلا زاهرا ربما عوض ظمأ طويلا....
لم يتجرا حتى على الإقدام.. اختصاصه قتل كل التوق لبيت جديد.....
.فكانت والدته هي الخطوة الحلوة....
وهنا نلاحظ نجاحا في التلميح دون التصريح , بالعودة الى الأم , لتقوم باكمال المشهد , ثم تسير الامور بسلاسة , مع توتر الانتظار , وهو أمر واقعي :
" ربما حلمت بفارس وطالما فكرت بأحلام وردية ...وكل مرة تعود مريضة هائمة في عالم واقعي حتى الثمالة....متى تصبح الأحلام واقعا؟
حصل المراد "
ثم تأخذنا القصة الى العالم الواقعي المتكرر , في حياتنا الاجتماعية :
" وجاء وليدها على لوعة المشتاق الحارقة....
كانت تنتظر تلك الإشراقة ...بطعم الملتاع الغائم الأفكار.... "
ثم يتم الانتقال بشكل درامي ناجح , لربط الخيوط الموظفة , للاعلان عن تكريس للصور الواقعية الجامدة , والارتطام بها , مع تلاشي الأبعاد الوجدانية , وملامسات وشائج الحب , واختفاء الاحلام الوردية :
"مرت سنون باردة...ولحظات أكثر برودة.... "
ثم تأتي القفلة موفقة رائعة , عندما نرى أن بطلة القصة , عادت الى حيث بدأت , لم تحقق حلما , أو تغيرا في حالتها الشعورية , وهي التي رسمتها الأديبة ريمة الخاني , بأنها ذات أحلام وآمال , تريدها تعويضا لها , عن حالة اليتم وحالة الحرمان العاطفي , نعم إنها " مازالت هناك ":
"وكتبت عند الرمق الأخير ....
يتم على يتم..... "
وقصة "مازلت هناك... " كما قدمتها الأديبة ريمة الخاني , قدمت لنا صورة مجتمعية , تمثل مشكلة حقيقية , في مسار الحياة الزوجية , تعاني منها المرأة , أكثر مما يعاني منها الرجل , بحكم تكوين المرأة العاطفي , وحاجتها الى جرعات الحب والود , على مدى الحياة الزوجية , والقصة خدمت هذا الغرض بشكل لافت , وباسلوب سهل شيّق .
وقد أخذت على القصة بعض الاسهاب , وتكرار تعبير يستخدم جدا على الشابكة وهو " حتى الثمالة " حتى أن مجيء هذا التعبير في الدخول للقصة , جاء محشورا غير مبرر كثيرا , وغير موفق التوظيف :
"كانت تقف كل يوم هناك..تبيع أدوية ملت من اسمها..وملت الوجوه ....حتى الثمالة.. "
إذ لايمكن للملل , أن يصل بالفرد الى حد الثمالة .
د. محمد حسن السمان