" عرش الرحمن "
يهبِطُ قلبِي رهقًا ، وتميدُ بي الأرضُ ، أسقُطُ في ظُلْمَةٍ ، دوّامَة تدُورُ تأخُذُنِي بدَوَرانها اللولَبي إلى شَاهِق أسوَد ، شهيقِي يطُول ، زَفيري حشرجَة الموْت ، صَقِيعٌ يجمِّدُ أوْصَالي المُرتَجفَة المشْدُودة ، أهْوِي صُعُودا !!
أهوَ اللّحد هذا الّذي يضِيقُ على الجَسَد ، أمْ هي الرّوحُ سجينةُ برْزَخِ لا هُوَ موْتٌ ولا هوَ حيَاة ..
يرتَجِف القَلْبُ ؛ ينتَفِضُ ؛ يُرَفرِفُ كعُصْفورٍ سقَطَّ في مُستنْقَعٍ سبخ ، لبّدَ جناحيْه ، فبَاتَا يدْفَعانِه إلى القَعْر ولا ينهَضَان به .
أهيَ المَعَاصِي والخَطَايا الّتي أثْقلتِ الرّوحَ ، أمْ هيَ سكرَاتُ الموْت هذِهِ الّتي تَجْتاحُ الجَسَدَ لتجْتثَّ منْهُ الرّوحَ ؟؟
كيفَ جئْتُ إلَى هُنا ؟؟ وأيْنَ الخَلْق في هذَا الشّارعِ العرِيضِ الطّويل ، حتّى شاطِئُ البَحْر قدْ خلاَ من البَشَر ، مَاذَا أرَى !! ؟؟
سُبْحَانكَ ربّي هذهِ سجّادَة قدْ هبَطتْ عليّ مرّة وبهَا سُورَة السّجْدة ، هِيَ تهْبطُ عليّ مِن السّماء مرّة أُخرَى ..
نعَمْ ؛ إنّها تهْبطُ نَحْوِي ، تقْترِبُ منّي ، يَا الله بدَأتْ تفتَحُ طيّاتِها ، يا الله مَاذا أَرَى ، أيُّ جمَالٍ هذَا الّذي أَرَاهُ ، أيّ ألْوانٍ تزيّنتْ بهَا ، لاَ يظْهَرُ لي مَا كُتِبَ علَيْهَا ، لاَ أرَى سوَى لوِنٍ أزرَقَ كلَوْنِ السّمَاء بأصْفَى أوْقَاتِهَا ، وسَوادٍ بحُلكَةِ اللّيْل ، وبيَاضٍ كمَا السّحابَة الخَفيفَة ، وكلّ ما كُتِب فيهَا مُبهَم ..
نعمْ هيَ لي سُبحانَكَ رَبّي فِي عُلاَك ، "عرْش الرّحْمَن " ، نَعمْ قدْ خُطّ بأجْمَل خَطٍّ رأتْهُ عينَايَ ، يا رَحِيمُ ، يا ربّ العرْش العَظيم ، بدُموعٍ انْهمرَتْ كوابِل المَطَر، أدقّ الصّدْر بيَديّ كلتيْهما..
" ياربّ أنتَ تعلَمُ سؤالِي ، وتعْلمُ مُرادِي ، يا رب يامنْ تعلمُ بأمْري وحاَلي ..
هوَ زمنٌ لستُ أدْرٍِي أطَالَ أم قَصُر ، وصوْتُ الأذَان يرْتفِع ، بأَجمَل صوْتٍ سمعَه بشَر، يملأُ الفضَاءَ ، بـ الله أكبر الله أكبر ؛ أشهد أن لا إله إلا الله ؛ أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن مُحمدا رسول الله ؛ أشهد أن محمدا رسول الله ، حيّ على الصلاة، حي على الصلاة ، حيّ على الفَلاح حيّ على الفَلاح ، الله أكبَر الله أكبر ، لا إلهَ إلا الله ..
انْطوَت السّجّادَة ، وارْتفَعَت إلى السّمَاء عاليًا حتّى باتَتْ كطَائرةٍ ورقيَةٍ عنْ شِمالي ، وأناَ في ذُهُولِي ، وخُشُوعِي ..
------------
تنويه :
هي رؤيا حقيقية ..
استيقظت من نومي تنهمر دموعي ، ولم أدر أكنت في يقظة أم في منام ، أكنت في فراشي أم أنني كنت في مكان آخر ..
كانت صبيحة ليلة القدر .