(.. مذ ذرفتني الغيوم المتّكئة على غربتها / دحرجني الوقت إلى سدرة المتاهات / شهر برده / قشّر لي فاكهة اللاجدوى/ فاكهة اللاأمان / وأشعل في حضرة قشعريرتي موقد الذكريات ..)
* نوارة لحرش * إنكسارات
.. وأذكر أن الزّمن الطيّب كان يجيىء مع الطين ،،
يمشي على قدمين ، وحذاء بلون الطّيف ..
أو يهبط مع القمر في ليل الصيف .
يتأرجح على قرميدنا الباكي ،، يغني لبنات النّوار ، ويضحك كطفل ..
ربما رأيته على حصانه الخشبي يركض في لون الصمغ ولوح (الكتّاب) ،،
يصطاد صغار السمك ويشرب من ساقية .
في الزمن الطيب كان للطيبين الطيبات ،،
من قافلة الخبز والشاي .
وللطير نصيب !
لكل نخلة ناي ،،
مراود كحل لكل صبية ،،
أمشاط ،
(محرمة شامية) ،، وحبيب !
كان الغمام يمر دون رخصة إستسقاء
فتجيء الخصوبة في الأحشاء ،، ويكبر الأطفال ،،
يتزاوج قمحنا في مخازن الغلال ، و ،،
لماذا أذكر ـ الآن ـ خضرة عينيك ،، والتلال ،،
أكداس الضوء ،
حقول يديك ،
والأرض والسهلا ،،
كان أحلى ذاك الزمان
كنت الصحب والأهل ،،، !
كان كل راع مسؤول على بنفسج الشرفات ،
والحور ،
وورد الطرقات ،
والنخلة العجوز ،
ونعاس الأطفال ،، وشهوة الأرض ،،
على ماء النهر ، وأين يصب !
كان في قلب الراعي عشب غض ،،
نبض ،، وحب !
.. بالحب تنظم حركة المرور ، يصل (البريد) في موعده ،،
تضع كل ذات حمل ،، في الآجال ،،
يشبّ النّهد عن فستان المشمش دون (إستنزاف)
لم يكن النّخيل بحاجة إلى مراقص (الأيروبيك) ولا (حمّامات) شفط الدهون ...
في الزمن الطيب كان الناس بالحبّ يولدون ،، بالحبّ يموتون ..
كل القلوب كانت قابلة للإعمار ،، والسكن ..
لم يكن لدينا أزمة .. وطن !
ياحينا القديم
يامدرستي عالية الأسوار
يابائع (الفول) في الصحون العتيقة ،،
ياأوراق كرارسي المحبّرة ! .
أريد أن أدخن ـ خلسة ـ سيجارتي في المقبرة ،،
أطهر فمي برائحة (globo) وسكاكر ،،
أن نلعب غزاة وعساكر
وندافع عن وطن لا يشبه خرائط الكتب الملونة ،،
نرسم حدوده وحدنا ،، نشرع مدنا .. ومدنا ،،
في الشمال : سرب حمام
في الشرق : عرائس قطا
الغرب : غيمة
والجنوب : سوسنة !..
(كيفك إنت) أيها الطيّب ،، كيف حالها الأقمار ،،
كيف وجهك في زمن الواجهات ، وغوايات الاشهار ،،
ومحلات (البيتزا) ،،
وحين تخونك الأوقات ، وتباع بالأقساط ، للشّتات ،، وخنافس الأقراط .. !؟
أيها الطيّب إفتنا :
لما تضيع حقائب الزمن الجميل على رصيف الأمتعة ،،
تسّاقط البلدان في رحم الرحيل ..
لنقرأ الأشعار ملء دموعنا وطنا .. !
.. لنا شبق الأماني ، والأغاني ، والصدى ...
* أغنية للسيدة : فيروز
Globo : نوع من العلك