حتى ولو مزق شرياني عنفوان تدفقكَ و إقبالكَ مني... فإني لن أبعثرَ ما تبقى مني لإرضاء شهوة جبروتكَ في نفسي و نداءاتكَ التي لا تملُ الصراخ ... ابتعد عني ... فأنت من حطم الوجدان و جعل الحس يقطعُ أشواطا بعيدةً ما كان ينبغي له أن يتجاوزها قبل الأوان...
أيها المتدفق كشلال ماء ... المشتعل كنار شوق ... المغامر صوب الآتي
المتمزق بيني و ذاتي ... المنشطر بين الرماد و الورد ... كفاكَ و مطرقتكَ ... كفاكَ عني ... فقد نزعتُ الأبواب و أحرقت النوافذ
و بنيتُ فراغاتها جدراناً من دم و حصى ... لا تقترب أيها الخريفي من أوراق شجري ... دعها صفراء .. ذابلة ... لا أطمح في استبدالها بأخرى خضراء فهي تعجبني هكذا بشكلها الحزين ... و لونها البائس
لا تحاول أن تخدعني بحسنكَ و طيب نواياك أيها الراقي الكريم السخي في عطاءه المهذب في بداياته القاتل المحترف الجبان في نهاياته.
أيها الحب الذي يغزو القلوب في زمن السلم... في زمن الثورة و الحصار و الموت. لا تمنعكَ عوائق أو حواجز... لا يمنعك إدراك لبيب أو وعي عاقل ... تختال في كبرياء ... تضرب هذا و ذاك كيفما و متى تشاء .
تبني الحلم المستحيل ثم تجهضه سريعا ألما مريرا... تتحول ... تتخطى كل ما هو قابل للفهم و التقعيد و الثبات.
لا تستند إلى فلسفة تكشفُ أمعاءك أو فكرة عبقرية قد تطعنك في مقتل
حتى الذين ورثوا عبقرية اللغة عجزوا أن يصفوا جنونك و عربدتك ,عجزوا أن يطوقوك أو يستنطقوك... دوما كنتَ الآمر الناهي الدافع المتدافع ... الملتصق بالرؤية و المغذي لتجربة الروح.
و لكن كفى ... لا بد أن يتوقف هذا الجنون... سأقفُ ضِدّكَ الليلة أيها النبيل الشرير... ليست فروسية مني أو لأني فهمتُ شيئا من ضوضائك بداخلي ... و لكن لأن هذا القلب ضحية قديمة من ضحاياك ...
أتذكر... ؟؟؟
ذات يوم وضعتهُ قربانا بين يديك فَقبِلتهُ مني على الفور و عند أول منعطفٍ ذَبحته و سَلخْتَ حسه و رميتهُ لذئاب الذكرى تنهش فيه.
سأواجهكَ ... و أهزمكَ لأنك لن تجد عندي مستودعاً تمارس فيه غروركَ و شروركَ و لُعبتكَ المفضلة... لن تجد غير الخواء... فراغ يستقر في أصقاع روحي البعيدة... لن تتقمصني هذه المرة أو تراسل روحي فعنوانها أصبح مفقودا و استبطاني لم يعد له وجود.
أعرف أنَّ لكَ قوىً خفية قد لا أعيها بكياني... ومخالبَ رقيقة حريرية الملمس قد تنفذ في كبد روحي و مسالك صوفية قد تمر من خلالها لتملأ الفراغ بجوانحي و همسا عذبا قد تستدرج به خطوات الروح لتقع في شباك مصيدتك الدقيقة .
أعرف أن لك من المكر و الحيلة ما تعجز عنه النساء و من الوصل و القطيعة ما يحير عقول الحكماء و من الجاذبية ما يُلهب قريحة الأدباء.
أعلم أن الولوج فيك مُقامرة و الخروج من دربك مغامرة و المكوث عندك جنون... و أنا جربتُ معك كل الفنون فما زادتني إلا يقينا بأنك ماء يشتعل نارا ... عمرانا بعده دمار...
أيها المتمكن البارع سأواجه يقظتك الدائمة بإحساسي و لهبكَ المشتعل بأنفاسي و سأعصر من ليمونة الذكرى أكسيد الألم و الموت... فلا تقترب من قلب متعطش لاغتيال همسك البربري.
إن اقتربتَ مني هذه المرة فسأعانقك بحب المشتاق و أطعنكَ بقسوة المنتقم... فقد تعلمتُ منك كيف تكون الحياة .
هشــــام / وليدة اللحظة .