هل يسمح الغرب بنهضة عربية إسلامية شاملة؟؟
ماذا تعني له اللغة العربية؟؟
لقد انتهت بحوث المستشرقين المنتدبين في مكاتب الاستعمار؛ في القرن السابع عشر؛ إلى نتيجة محتواها أنه يصعب إخضاع هذا المسلم العربي إلى الغرب ؛والزج به في قلادة التبعية ..مادام يفهم القرآن ..والعربية طبعا هي الدافع المباشر للفهم ..
وتزامنت هذه النتيجة مع رؤى غربية في إطار العلوم الإنسانية المنتشرة ؛السائدة كعلم جديد..إنّ ما انتهى إليه علماء الانتروبولوجيا ؛بعد متابعة مراحل تطور الكائنات الحية من تعريف إلى أن التطور :
//هو التغيير وفقا لسُنَّة مُطَّردة أو قوانين ثابتة ...//..
وإذا اعتبرنا اللغة كائن حي ؛في تفاعل مستمر؛ وحركة دؤوبة؛غير قارّة ..فإنه يمكن أن تتغير وتتطور..بمعنى يمكن أن تتحوّل من حالة إلى حالة ..
لغات العالم باستثناء العربية تغيّرت وأبيدت .اللغات القديمة لم يعُد لها وُجود..السنسكريتية الهندية ؛السّومرية ؛اللاتينية ..لاشيء يمنعها من الموت؛والتَّحوُّل التّدريجي..بالاستبدال الدّائم للألفاظ التي تساير العصر وما يترتب عن حضارته من لسان موافق لحاله..
واللغة العربية أيضا تتغير بعض مفرداتها ..لكن مفردات القرآن خاصة لن تموت..
والمختصر المُفيد ..أن فرنسا اليوم تفكر في إعادة تشكيل رسم منتوج موليير وفيكتور هيجو ..بحجة أن الجيل أصبح عاجزا عن فهم وفكِّ رموز اللغة الجزلة ..والفارق الزمني مجرّد ثلاثة قرون..
//ووجد هؤلاء التقليديون متعة يملؤهاالحقد في استعراض ما يسمى التفسيرات التي كانت تعتمد ـ إذا شئت القول ـ على جهل المُفسِّر لحقيقة أن بعض الكلمات من أشعار القرن السابع عشر تحمل معاني تختلف جذريا عن تلك المعاني المتداولة اليوم..//1.
وهذا يدعونا إلى تراثهم الذي يحمل أصولهم وهُويتهم ..؛لكنها نُقِلت من لغة ميِّتة إلى لغة حيّة ..ولم يبقوا على هذه اللغات القديمة بحُجَّة أنها تحمل تراثهم ..والذي ساقنا إلى هذا الحديث هو أنّنا اقتدينا بالغرب في كل حركة وسكون..حتى دخلنا معهم غار الضب؟؟
والقصد هنا أن تُراثنا المنقول الشفهي العامي يمكن أن ينقل بلغتنا العربية اقتداء بالغرب الذي نقل تراثه بلغته الرّسمية لاالشعبية ..
//يقول ويليك...:لانملك إلا أن نلاحظ عمق الخصائص الوطنية ؛واستحالة تخطيها ؛وكيف أن كل أمة ـ على انفرادـ ضمن هذا المدى الرحب في الفكر الغربي الذي تأتيه تيارات متشابكة ـ تأتيه من روسيا والأمريكيتين ومن إسبانيا والدول الإسكندنافية ـ تحافظ بقوة على تقاليدها الخاصة بها في النقد الأدبي..//2.وهنا أعلن الغرب ذاته أمران ..
يتمثلان في خصوصية القومية ..وعدم جدوى العولمة بناء على هذه الخصوصية ..
من هنا ندرك أن اللغة العربية خصوصية محفوظة بحفظ القران الكريم لها ..
أعلن نيتشيه // موت الإله// في العصر الحديث..وقصده شيوعي محض واضح أن// لاإله في السماء والحياة مادة // ..
ثم اعلنوا موت المؤلف..ثم موت الإنسان ذاته..مابقي عندهم شيء حي..
بمعنى ما بقي دين يمارس ؛ولاإله موجود في ذهن الإنسان الغربي..
ونتاج ذلك كما فسر هو وغيره أن الإنسان مجرّد بنى سياسية ؛واجتماعية؛ونفسية ؛وفكرية يمكن تفكيكها ـ على ضوء البنيوية الحديثة ـ ..ثم إعادة تركيبها وصياغتها ..
وهذه القاعدة جُرِّبت على المجتمع الإسلامي ..ففي فترة الاستعمار؛سنة 1934 اعتبرت فرنسا بموجب قانون أن اللغة العربية في الجزائر لغة أجنبية ..والرسمية هي الفرنسية ..
وجندوا في العالم الإسلامي من يدعو إلى تبني اللهجة العامية العربية حتى في الخِطاب الرسمي بحجة صعوبة اللغة العربية ..بل هناك كُتّاب دعوا إلى الكتابة بالعامية ..
حُلمهم اليوم أن تنشغل العامة باللغة العامية وتبتعد عن فهم القرآن ..الحرب سجال مستمر ..ويطمحون عبر أبواقهم ـ أن تتوسّع القاعدة وتنتشر ؛وتشيع الكتابة بالعامية ؛ويتغرّب تدريجيا كاتب الفصحى ..
والحقيقة أن الذي يقرأ بالعامية يمكن أن يفهم بالعربية الفصحى ..العيب هنا في أولئك الذين يتقنون اللغة العربية ويكتبون بالعامية ..وكأنهم يساعدون الغرب على تنفيذ مشروعه التدميري..وكأنهم يساعدون الكسلاء على كسلهم ..
ويريدون بعد ذلك ..وبعد عقود من الزمن أن تُطرح رسميا مشكلة غُربة الفصحى ..وتنزاح تدريجيا فكرة تبني كل دولة عربية لهجتها الخاصة ..والهدف تفتيت الهُوية العربية الإسلامية ..بل وترسم العامية لغة متداولة ..ونتشتت قبائل وشيع ..إنه فرعون العصر ..
والغريب أن بعض المثقفين صاروا يؤمنون بخصوصية كل دولة عربية وتميزها عن الأخرى ..والأمر خطأ ..لاخصوصية إطلاقا بين العرب أجمعين ..أحب من أحب ..وكره من كره ..العرب وحدة ..الإسلام وحدة..الخصوصيات خصوصيات مصالح نعم ..ونسبية انبطاح للغرب ..الدفاع هنا عن القرآن والمسلمين ..
ولو أراد القرآن الكريم أن يدلنا على لهجات في العربية لما جمع كل لهجات العرب في لغة غلبت عليها لهجة قريش ..لو شاء لجعل كل أيات.. أو سورة بلهجة قبيلة ..هذه أكبر حجة ..
ولوشاء ألاّ تدخل كلمات أعجمية إلى العربية لما استخدم الأسماء الأعجمية ..بمعنى يمكن الاستفادةمن اللغات العالمية لافي المصطلحات ..ولافي إتقانها ..للدعوة خاصة ..ولقراءة منتوجاتهم والاستفادة منها ..
الحديث هنا فقط عن أهمية استخدام اللغة العربية الفصيحة في خِطابنا الرسمي ..مسؤولية المؤلفين والشعراء..ودعوتهم إلى استخدام ألفاظ القرآن..
حتى لانتهم بذبح لغات العالم ..وأمور أخرى ..
1ـ نقلا عن موجز تاريخ النقد ص 186 ..مناهج النقد الأدبي الحديث..د/ وليد قصّاب..ص83.. دار الفكر دمشقالطبعة الأولى.2007.
2ـ نفس المرجع السابق :ص84.