الإهداء :
إلى الزهرة التي أسقتني ماء سبيلها بقبلة ابتلعنا كل مياه الحب فلم يعد هناك شيء لينضب أمامنا إلا نحن ..
إسماعيل القبلانيالفصل الأول
(1)
نحن لن نندم كثيراً لأن الحب قدرهُ محتم يسرق منا اللهفة لنمضي بقيود من حنين تكبل مشاعرنا فما
عدتُ أسمع الأصوات إلا بصوتها ولا أرى الأشياء إلا بنعومتها , توقفت للحظة حيث أمسكت قلمي
وهببتُ لأرى الورقة البيضاء قد شحت تعابيرها تنتظر أن أسقيها بما استقيت من ماء الحب !
لكن دون جدوى لم تستنزف مني إلا القليل كالعادة .
أخط أول نظرة كبرقٍ صارخ فلا أجد جملة تحتويها فأكتب نظرة عصفت بكل جوانحي , مع ذلك ما زال
هناك شيء يعصف بداخلي ينتزعني من معصمي ويضعني على مشارف الذاكرة في شارعٍ منسيٍ منها
, لا شيء غير الشحوب والجدران المائلة .
الجفاف يعم المكان وكأن جيش من مغول القبلات قد مر من هنا !
طوائف الأشواق لا تعرف طريقاً للرحمة إلا العذاب في انتظار قبلة أخرى لتنتثر جوانحي أمام عينيها
مجدداً في انتظارها لتلمني .
فقد صرتُ لا أخشى اللوم ما دام اسمي هو الذي ستختارهُ لي ..
(2)
قدماً أمضي حيث لا شيء ينتظرني إلا النسيان في آخر مطافٍ لي لكن ما الذي سيوصل النسيان إلي
وأنا في شتات الذكريات على ضفاف الحياد .
عفواً أيها النسيان أعذرني لو أهملك الزمن مع الأيام فلن نلتقي إلا ساعة أستقيل من حياتي .
لا أدري هل تستطيع انتظاري آسفاً على اللهفة التي اعترتك ساعة افترقنا فالباب موصد لا مقفل ؟
حين تستقبلنا الأماني من وراء الحلم في مساحة لا تفوق كون مخيلتنا حيث يتصدأ النسيان بملل !
نجري وراء الليل نكتسح رحاب المستحيل لنوقظ آخر قبلةٍ هامدة ونحشوها مجدداً بلعاب وهمي من
مخيلتنا .
لن نندم لفعل هذا لأن الحب لا يملك إلا أن يستنطقنا لنلتهب بأي طريقة في شاطئنا المجهول .
(3)
ما عاد يعلم الفراق أننا نملك الثراء بالحب وأجمل وعود اللحظة الأولى والوضوح لا يرى إلا أن
يتكشف ليعلم الواقع حقيقتنا حقيقة قبلتنا على كتاب أدب الحب ’,.
حين افترقنا لتعشق ذاك الكتاب لكي تتجنب نسياني على مدى عمر من الذكريات كم استودعني
المستحيل من أسرار الشرفة التي كانت تضع فيها الكتاب فكم امتلأت حجرات قلبي من تلك المسودات
لكنها غدت أكبر من أن تسطر في مخيلة أو ذاكرة كتاب ,فقد غدت في قسوة الحب مقسمة إلى عدة
مراحل من اللهفة .
مراحل الحب الأبدية التي لا يعرف النسيان إليها طريق !
أما آن للقلب أن يؤسس حجراتهُ من جديد .. فقد أقفلت المدينة مع الغروب باب الصندوق على الحب
ليبقى الموت هو المفتاح الوحيد لفتح الصندوق المغلق .
(4)
أعظم مغامرة مررنا بها هي مغامرة الحواس حين غدونا في الحب لحظة لحظة وليس دفعه واحدة
لنعمر منا المداخل حباً والدجى فلقاً ونتكيف مع لهفة العاشقين على أبواب الاستلطاف .
لكنا لم نستعد مسبقاً لموعد مع الحب كالعادة الحب يأتي فجأة !
الوقت يملأ كل لحظات الفراغ دون أن نعد الدقائق فقط نمضي معها بلا إحساس !
(5)
خواطري في أشرعة الذكرى تعصف بها أمواجكِ لأكتب إليكِ من المدينة التي عشتِ بها لحظات الحب
الأولى
لكنها لا تساوي شيئاً أمام مدينة مشاعركِ ..
إلى المدى القريب لا يسعني إلا أن أرتقب فرصتي لألتقط هذا المدى الذي حرر عفاريت حبي وهيج
طوفاني
لأرسوعلى شواطئ الحنين منتظراً .
(6)
هل لي بأن أرفع رأسي ولو قليلاً , أنا لم أمل من النظر إلى أعماقي حيث أنت تتربعين عرش قلبي
وتنضخين مع دمي إلى جميع أعضائي !
أنا فقط أريد أن أرى هل مثل هذا يحدث للعالم .
إلى متى أيها الحب سأظل مصلوباً هكذا وأنا :
مكابر عاشقٍ مُذ جئتُ أسألني
من أين يا قلبي المصلوب تعشقني
أما كفاكِ بأنكِ تضخين إلى أهداب عيني فلا أرى الأشياء إلا حين لا أراكِ ،
أيتها الطيف كفاكِ عبثاً بي فقد صرتُ ألمحكِ في كل شيء وأنت مجرد طيف فكيف بكِ يا زهرتي
أسقيني ندىً وأرتمي بأحضاني مجدداً .
(7)
على عتبات الهمس سمعتُ صوتكِ وأنت تسكبين على صمت المكان ملح التأمل ، لأذهب مع الهمس
إليكِ
أفتش فيكِ عن حلوتي فأجدها في إنتظاري.
رغم كل ملامح الفراق ،
حين أفترقنا ونحن عائدين من نزهة في حدائق الغرام بدأت الشمس في الغروب تودعنا لآخر مرة ترانا
فيها معاً
كان ذلك المنتزه هو عذرنا الوحيد لنرسم خيط وحشتنا في مكانٍ آخر
حتى نتوه في ذاكرة الإحتمال .
(8)
ساعة وصولنا لذلك المنتزه في زحام الصمت نجري نحو شباك التذاكر ، ومن ثم نحو رصيف الأزهار
ننفض الحزن ونمضي تسبقنا اللهفة تطرق أبواب الحب خائفة .
فإذا بهِ هنا من جديد ألمحهُ في خطى بذهول من حولنا سائحاً عجلاً ..
هل سوف نفترق مجدداً ما أن نلتقي !؟
هل سينطفئ حبنا مع آخر سيجارة لسائق الباص الذي أوصلنا .ونختفي مع دخانها الذي يطاردنا أين ما
كنا!
متى سنعلم أن شواطئ الأحلام تكتض بالزوار .. لكن لا أحد يستطيع تغيير ما صنع القدر .
(9)
حين عدنا وعادت معنا من أعماق فرحتنا ثورة حزن ., كانت الأولى في حياتنا ..
نحو الريف إنطلقت تلوذ بها في منحدرات القدر عجلات السيارة , لتسافر روحي معها وتدعني في غربة
مع نفسي ,غادرت المدينة لكنها لن تغادرني أبدا .. هي فقط تمضي للهدوء البعيد ..
كل هذا سيبقى على لحن أوتارنا واقفاً يعزف ألحان الرحيل ,لأعود إلى وقفة بحاجة إليها مع ذاتي
أنا طفلً في العتمة منكسر أبحث عن تذكرة للعبور إليها ..
فقد صمتُ أن أهوى سواها ولن أفطر حتى وإن أذن الموت ,
(10)
لماذا تدنو مني أطياف الدهشة بدون تأشيرة للخروج بعيداً عن الأماكن التي إلتقطتُ فيها أيامي
لأبعثرها في لحظات وداع !
حينما أعود إليها وحيداً تكون عامرةً بالنسيان .. رغم أني أذكر كل خطوة فيها .
فكم هي المرات التي صمتِّ عن الكلام في تلك الأماكن لكنني لم أتوقف عن سماع صوت قلبكِ
ها أنا ذا مندثر قد تبعثر نصفي على طول الطريق التي رحلت منها ونصفي الآخر في شتات الذاكرة
يستعد ليسد ثقوب النسيان .. هل حقاً ذهب إنتظارنا يبحث عن نهاية لهُ عند غيرنا بعد أن يأس منا
لماذا تبخرت أحلامنا قبل أن تذوب في صدر الحقيقة .,
(11)
رغم الأعين التي تحاصرني في مرفأ أحزاني أبكي وحيداً على مقربة مني أنظر في تعابير وجهي
المرتسمة من أمل لحظاتي معكِ أيتها السنديانة
لا شيء غير الحرف يتحدث عندما تصمت بنا كلمة حب .
تقاطر اللهفة والشوق أبعداني عن لحظة الفراق ,, لألتمس لحظة اللقاء الأولى ,
من على مشارف عينيها أرسو بأشرعة الذكرى فأرها تخط لي رسالة جاء فيها :
أيها الضوء الذي يملأ قلبي لم أستطيع أن أجد لك غلافاً فتسربت مني إلى غيري ..
وهذا ما أبعدني عنك لكنك ما زلت تتدفق .. سيان ما بين هنا وهناك وما أبعدوني عنك إلا لجنوني بك !
أوقفتني هذهِ الحروف على أبواب دمعة من صحاري خدي الذي جفت عليهِ قبل أن تسقط إلى صدري
أي حبٍ لا يخلو من المأساة فهو مجرد أكذوبة .. وفاء .. الوفاء لا نعرفهُ إلا مع المأساة ؟
(12)
إلى عيناكِ سبقتُ الغرامَ
حييتها سلاماً فقالت سلاما
(13)
لا أعرف ما الذي يقودني للآخر هل هو الحب جاء بالأدب أم الأدب جاء بالحب ما زلتُ أتخبط في
ذاكرة الإحتمال ما بين هذا وهذا في أدب الحب .. حين إغتالتنا براءة الحُب لكني ما زلتُ أحاول
الإنتحار على صدر البراءة الأخرى !
(14)
من بين بساتين الهوى إِقْتُطِفنا زهرةً وغصن لكن كان قدرنا أن يتساقط الندى بيننا فنرتوي من
فيض الحب والفراق .. ما يكفي لزراعة حقول من الإبتسامات والحسرة والحزن في قلوب الآلاف
من العشاق , حيث نتشبث بأحلامنا ونحنُ على أرضٍ ثابته .. أفلا نعجب من حالنا ؟!
حيثُ وهبتنا الحياه أجمل وأسرع اللحظات حين نلتقي وحين نفترق وحين ننام حيث تلتقي أشباحنا
في الأحلام .. تتهاوى بنا السبل إلينا وما زال الحب فطرةٌ في الإنسان يقودنا إلى حيث نبحث
عن المرايا التي تكشف لنا حقائق الأقنعه .. التي تُخفي خلفها الكثير من الأشياء وإبتهلات
المشاعر.
(15)
قبلان لا تحزني إن ماتني الأملُ
ما بين لحدٍ ولحدٍ يدفن الأجلُ
(16)
إن روحانية الحُب الذي تتجلى في محرابهِ الآه , لنلوذ بصرخه أعتقتها لنا السماء لنستغفر ؟
فحب الأسوة الحسنه فهو الحب الخالد أما ما عداهُ فهو أكذوبةٌ إبليسيةٌ والحب وهمٌ شيقٌ
والشوق ما أشقاهُ !
(17)
الوهم في الحب , حيث تستدرج الشكوك مخيلة المتلاعبين إلى الإثاره .
فيكون العاشق ذئبا يريد أن يستل قلب الضحيه ويمضي , حيثُ لا يمكن لأحد أن يوقفهُ .
حتى ضميرهُ لن يضيرهُ إن أُخمد .
فالحمد لله على فطرتهِ التي وهبنا , والعياذ بالله أن نستغلها في غير مكانتها .
(18)
حين يستنطقنا الحب ندرج الكثير ونهتم في النظام ونرتب ونسير على روتين يومي واحد
ونستل الإبتسامة من أعماق الحزن والبعد ونغمد الزيف في كف المستحيل لكي لا يقترب منا
رغم أن لا شيء مستحيل سيحدث بين عاشقين إلا فراقهما ,
الإختفاء من فوضى العالم وضجيجهِ هو ثاني خطوة في الحب
لكن يا زهرتي لماذا تحاول عجلة الأيام أن تدور بنا لنعود إلى تلك الفوضى ؟؟
وقد أتينا لنعمر عالمنا الخاص في وطن الحب خارج الكرة الأرضية وداخل قلوبنا
كم هي المداخل التي يملأها البؤس المعمر في ناصية الطريق إلينا لكننا في كنفٍ مهما
أمطرت السحب لن يتساقط علينا إلا ندى بستان زهورنا ,,
أما آن للوقت أن يتوقف للحظة نلتقي فيها والعالم ساكن , لا يجد من يحركهُ ؟.