يستبيحني الحزن عندما أتذكر همساتك الحالمة، وأرى وجهك خلف القمر يهمس اسمي من وراء غيمة جافة
هكذا تمتطيني الذكرى بكل قساوة التيه ...
وكلما غفوت أستيقظ على صوتك هاتفا مثل سمير يشدو مواويل الاشتياق، أضم وسادتك الخالية
وأشتم عبير عطرك وأنا أصيخ السمع لأميز وقع خطاك بإيقاعه المنضبط لنبض القلب المتيم حد الذوبان...
يقشعر جسمي ويهتز كياني فأهب ولظى الحنين يقود مساري لأطوف في أرجاء البيت ... أقتفي ذبذبات
أنفاسك الحائرة الملتاعة خلف جنون الذكرى ونار الفقد........................
يا قمري الذي ارتسم خيط هلال فبدرا أضاء حياتي، اشتعل لتتوهج ذاتي فقد التحف الكون بالسواد
وضللت درب فردوسنا الزاهي لما صادرك القدر مني وقذفتني الحياة بعيدا عن ذاك اللحن الجميل
الذي خلده نبضك الصادق في دنيا العشاق. حائرة يتقاذفني العجز عن عتابك أو إبداء الغضب،
فيا لسخرية الأقدار وعبثية المشاعر العاجزة عن كتم / إعلان الغيظ لأنك خنت عهدي وغادرتني
بلا إلف يسند ضعفي، تركتني أصارع الكون وحدي والحزن يطبع انتظاري ويحجب شمس غدي
وأنا غارقة في الشجون التي تحول دون طلوع نجم سعدي ....
أتوق لنظرتك الحانية العالقة بأحداقي وتحتويني جمرة غيابك ويجتاحني عذاب افتقادك...
هذا الشوق يلهب ذاتي فأبحث عن رواء لأخمد نار وجعي ولكنني أنطفئ من شدة الحزن
فيزداد اشتعال همي... وتنهش الحيرة ذاتي وأنا أصارع عجزي عن استيعاب انشغالي
بوهمي وتصديق وجودك مع أني شاهدتك بأم عيني تسكن ذلك القبر...
آه لو كان الموت في متناول اليد لرجمته بلعنتي وصوبت نحوه رصاصة ألمي وفجيعتي.....
يا من يسكن قلبي ووجداني وكل مسام روحي، أشتاق إلى ابتسامتك المحتوية غضبي...
وأفتقد احتواءك لي واتحاد روحينا معا....
هاأنا ذي أرجّع صدى أيامي معك في زاويتي لخلق جسر تواصل عبر طقوس احتفائية
تجعلني أصمد أمام أعاصير الزمن الهمجي الذي اقتحم كل أشيائنا الجميلة بعدما غدت
برحيلك بلا معنى، تترقب بهاء نورك لتتشكل نجمة يستضيئ بها كياني المعتزل في هذا
الركن الموحش.......
يا شمس أحلامي أعد لي مفتاح قلبي علّي أشعر بنبض العمر من جديد، حررني من انتظام
خفقان نبضي على إيقاع أنفاسك الساكنة أوردتي؛ فقد تعبت من اللحاق بروحك المتوارية
خلف الغيوم وأنا أتحسس وجودك ولا ألفى سوى سراب وجدي وعناء عذابي.......
يا من حفظ أمني وأماني دهرا لا تكلني لطيف روحك الهائمة بين الواقع والخيال،
استسلم لقدرك وكلني لقدري فكلانا جثة أسيرة في الضفة الأخرى؛ هوة عميقة تفصلنا
لا أنت تستطيع إرجاع الزمن لساعة الصفر لتحيا مرة أخرى، ولا بيدي أن أبحر إلى
تلك الضفة لأنام على إيقاع نبضك المحتفي باسمي ......
لم يصلني بريد ينبئني عن حالك الجديد وإنما بلغني بأنك تراود منامات أقربائك تستقصي
أخباري وتدعوني لأكف عن ذكراك لتستطيع التكيف مع وضعك الجديد ... فهل استعصى
عليك الكلام معي مع أن وجودك قربي أصبح واقعا يثير فضول بعض ومخاوف بعض حتى قيل
إن بيتي أصبح مسكونا بشبحك الذي يتوعد حياتي ... ولا أخفيك أنني انتظرت تحقق هذا
الزعم وكنت كل يوم أنتظر أن أزف إليك حيث أنت لتستقبلني هذه المرة بالشموع بدل الزهور
التي فرشتها في طريقي إليك وأنت تعدني بالحب والسعادة الأبدية .......
أرأيت ما فعل بي الشوق إليك وأنا أصارع حنيني لحياة كانت مشرقة بالبسمة والفرح
وأصبحت مجرد رقم في تقويم يشار إليه بفعل ماض ناقص سرق عمري واغتال فرحي
وتركني على هامش الأمل أرتق عباءة الوقت وأعدّ مواويل عشقك هروبا من مآلي
بعد رحيلك إذ أصبحت جثة شاءت الصدف أن لا يحتويها معك الرمس...