أمَّاهُ لا تحزني
ما بالُ ليلكِ بالنيرانِ يمتحنُ
وفجركِ الحُرُّ بالحُرَّاسِ مَُرتَهَنُ؟!
هلْ آنَ للظلمِ أنْ يُجتَثَّ دابِرُهُ
وللسعيدةِ أنْ يزهو بها الزَّمَنُ؟!
إلى متى يستَبِدُّ الظالمونَ بِنَا
والخوفُ يجلدُنا ، والجوعُ يَمتَهِنُ؟!
والبعضُ في بابهمْ يقتاتُ من دَمِنَا
وبعضُهمْ في رَحَى الطغيانِ قدْ طُحِنُوا
والثائرونَ استراحوا في الخيامِ هُنَا
ومَنْ قَضَى .. لفَّهُ عنْ ذكرِنَا الكفَنُ
أُمسي وأُصبحُ والآلامُ تمضغُني
والدمعُ يحرقُني والشوقُ والحزنُ
أصغي .. فأسمعُ للرشاشِ قهقهةً
كأنَّهُ هازئٌ مِمَنْ بِهِ افتَتَنُوا
والريحُ تهمسُ في آذانِ مَنْ جُرِحُوا
وفي ضمائرِ مَنْ غَضُّوا ومَنْ طَعَنُوا
:هلْ يرتوي الحاكمُ السفَّاحُ من دَمِنَا
وخِنجَرُ الجيشِ في الأكبادِ يا يَمَنُ؟!
كمْ تستَبِدُّ بِنَا الآهاتُ من وَجَعٍ
ويقشعِرُّ لهولِ الموقفِ البَدَنُ
ويخنقُ الحزنُ ما تهذي بِهِ رِئتي
والعينُ من دمعِكِ المقهورِ تحتقِنُ
أُمَّاهُ ما بالُ مَنْ أرجو الحياةَ لهم
يرجونَ لي الموتَ .. للطغيانِ قد ركِنوا
:(لا تركنوا) .. ليتهمْ يا أمَّنَا فقِهوا
وأطفئوا النارَ - بِرَّاً- للجنانِ رَنوا
إنِّي بسطتُ يدي بالسِّلمِ أندُبُهمْ
للمكرُماتِ .. فهلْ للرُّشدِ قدْ فَطِنُوا؟!
أحرى بهمْ أنْ يذودوا عنْ حِمَاكِ وأنْ
يحموا بنيكِ .. ولا يُحمَى بهمْ وَثَنُ
:هذا رجائي بكمْ .. لكن أخافُ بأنْ
(تجري الرياحُ بما لا تشتهي السَفَنُ)
أُمَّاهُ لا تحزني - مادامَ لي نفسٌ -
إنْ عقَّكِ الأهلُ والجيرانُ وامتَحَنُوا
أنا ابنُ قحطانَ - يا أُمَّاهُ - هاأنا ذا
حملتُ سيفَ أبي .. تعساً لمنْ جَبُنوا
خُلِقتُ حُرَّاً أبيَّاً ما انحنى قلمي
يوماً لطاغيةٍ .. والحُرُّ لا يَهِنُ
رَضَعتُ منكِ شموخاً لا تُركِّعُهُ
أموالُ قارونَ أو فرعونُ والمحنُ
نحَتُّ في الصخرِ درباً وانطلقتُ ، ومَنْ
لم يعشقوا المجدَ في أوكارهمْ دُفِنُوا
أمضي إلى المجدِ بالتغييرِ في ثقةٍ
وكلُّ مَنْ ضجَّ في شريانِهِ اللَّبَنُ
نَخُطُّ بالسِّلمِ مِنْ ساحاتِنَا وَطَنَاً
حُرَّاً بلا وَثَنٍ .. بالحُبِّ يُحتَضَنُ
خالٍ من الفقرِ والأمراضِ ، مقتدراً
بالعلمِ والمالِ .. لا تحيى بِهِ الفِتَنُ
يسودُهُ العدلُ والشورى ، وحاكِمُهُ
لا يُطعِمُ القهرَ والحرمانِ مَنْ قَطَنُوا
تنمو حدائقُهُ ، تُحمَى خزائنُهُ
وبالحضاراتِ تُبنى فوقَهُ المُدُنُ
أُمَّاهُ لا تحزني مادامَ لي هدفٌ
أسعى لتحقيقِهِ مهما غلا الثَّمَنُ
أُمَّاهُ بالحُبِّ والإيثارِ أوردتي
تحمي ثراكِ لِيحيا كلُّ مَنْ سكنوا
شعر:أ/ياسين عبدالعزيز
12/7/2011م