السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أن العرب برعوا بشكل غيرمسبوق في شعر الوصف ،
وحظيت النساء وطباعهن وحديثهن بالكثير من وصف الشعراء .
وقداخترت لكم هذه الأبيات المتفرقة في وصف حديث النساء ،
يبين منها مدى حب الحبيب لحديث من يحب ، وبغضه لحديث من يمقت .
قال أحدهم يصف حديث محبوبته :
منعَّمة ٌ يحارالطرف فيها *** كأن حديثها سُكْرالشباب
من المتصديات لغير سوء *** تسيل إذا مشت سيل الحَباب
الطرف : العين
الحَباب : الفقاقيع التي تعلو الماء أو الشراب في الكأس ،
شَبَّه مِشية حبيبته في هدوئها بسيلان فقاقيع الشراب في الكأس .
وقال آخر :
وكنت إذا ما زرت ( سُعدى ) بأرضها*** أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفِرات البيض ودّ جليسها *** متى ما انقضــــت أحدوثة أن تعيدها
الخَفِرا تجمع خَفِر وهي المرأة شديدة الحياء
وقال آخر :
فبتنا على رغم الحسود وبيننا *** حديث كمثل المسك شِيبت به الخمر
حديث لو ان الميْتَ نوجي ببعضه *** لأصبح حيا بعد ما ضمّه القبر
شِيبت : خُلطت ومُزجَت
وقال آخر :
وحديثها كالقطر يسمعه *** راعي سنين تتابعت جدبا
فأصاخ يرجو أن يكون حَياً *** ويقول من فرح هيا ربَّا
القطر : المطر
أصاخ : أصغى وأنصت
وهذا وصف بالغ الروعة ،فالشاعر يصف حديث محبوبته كأنه صوت المطر
يسمعه راع في الصحراء بعد سنوات متتابعةمن الجدب ،
فأصغى للصوت وهو يرجو أن يكون مطرا ويقول من فرحته ( هيا ربا ) أي يا رب .
وقال آخر :
وحديثها السحر الحلال لو انه *** لم يجن قتل المسلم المُتَحَرِّزِ
إن طال لم يُمْلَل وإن هي أوجزت *** ودّ المحدَّثُ أنها لمتوجز
شَرِك العقول ونُهزةٌ ما مثلها *** للمطمئن وعُقْلَةُ المستوفز
المتحرِّز :شديد الوَرَع
نُهزة : فرصة
عُقلة : مايُعقَل به الشيء أي يربط ويقيد
المستوفز :غير المطمئن في جلسته
فهويصف بأنها تعقل أو تثبت جليسها غير المطمئن .
وقال بشّار :
وكأن رصَف حديثها *** قطع الرياض كُسين زهرا
وكأن تحت لسانها *** هاروت ينفث فيه سحرا
وتخال ما جمعت عليـ *** ـه ثيابها ذهبا وعطرا
وكأنها برد الشرا *** بِ صفا ووافق منك فِطرا
الرصَف: الماء الذي ينحدر من أعلى الجبل فيصفو
وما أروع وصف بشار في البيت الأخير حين وصف
حلاوة وعذوبةحديث المحبوبة بشراب بارد وقت الإفطار بعدالصيام .
أما البيت الثاني فمعناه أن لحديثها سحرا وكأن ( هاروت ) تحت لسانها ،
و ( هاروت ) هو أحدالملكين المذكورين في سورة البقرة في قوله تعالى :
" واتبَعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفرسليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فلا تكفر ... " الآية
بعد كل هذا فضلاً لا أمراً
علّق على الموضوع
وشكراً لمتابعة القراءة