قصة قصيرة
أخ أخ بقلم د. خليل انشاصي
أبو عبد الله
خرجت من عند أبيها تبكي
وبعد قليل خرجت من عند زوجها تبكي
ثم عند الظهر خرجت من عند أخيها تبكي
ثم عصراً خرجت من عند جدها تبكي
كان ولدها ذي الخمسة عشر عاماً يرافقها كظلها كلما دخلت أو خرجت عند أحدهم ويتعجب من كثرة بكاءها منهم وقال في نفسه والألم يعصره :
أربعة أقارب تربطهم بى وبها أقوى العلاقات تخرج من عندهم باكية بحرقه ......ما هذا ؟
فتجرأ واقترب منها وسألها : فيما البكاء يا أمي ؟ :
قالت – أبوك يريد أن يطلقني
_ لماذا ؟
_ لأتي لن أرث شيئاً من أرض أبي
_ هذا أبي ، وأبيك ماذا ، أيريد أن يطلقك أيضاً
_ لا يا سالم أبي قال لي لن تنالين من أرضي متراً واحداً فالأرض سأورثها كلها لأولادي
_ وخالي ما له أبكاكي ؟
_قالت : قال لي أخي : يرضيني ما يرضي أبي فاقبلي بذلك فهذا حال كل البنات عندنا ، فالأولاد يرثون أما البنات فلا .
_ وماذا قلتِ له
_ قالت : قلت : هذا يرضي من ؟ أيرضي الله ورسوله هذا ؟
_ فقال يكفي أنه يرضينا ونهرهني قائلاً لي : انصرفي فهذا قدرك وعليكِ أن تقبلي به ،
_ سألته أهذا رأيك ؟ قال : بل رأي أبي وجدي وكل أخوتي وعلينا إطاعتهم جميعاً فهذه أمك لم ترث من أبيها متراًَ من الأرض أم نسيتِ وكذلك كل خالاتكِ وعماتك أم نسيتِ هذا ؟
وبعد أيام عادت لبيت أبيها مطلقة ومعها حفنة أولاد فأسكنوها وأولادها في غرفة منعزلة تخلو من أية مظاهر للحياة الهانئة .
ومضى قرابة عام على تلك الحال
وفي صباح يوم فزع أهل الحي الذي يسكنون به لحضور مجموعة من سيارات ألإسعاف مرة واحدة ، كان سالم وإخوته الصغار يقفون ويصيحون كلما أخرج أحد الموتى قال سالم :
_ هذه جثة جدي
وحين مر المسعفون بجثة أخري قال :
وهذه جثة خالي الكبير
ثم مرت أخرى فقال : وهذه جثة خالي وهذه جثة أبي ، فعد حوالي عشرة جثث حتى قال مع آخر جثة
: وهذه جثت أمي
وحين مرت جثة أمه صرخ وقال : لماذا أكلت من طعامهم ... ففي العادة لا تأكلين من الطعام إلا ما تصنعينه بنفسك أم اشتهيتِ طعامهم لأنكِ منهم لقد لقيتِ نفس المصير فلن ترثي شيئاً من الأرض مثلهم ، وما أنهى كلامه حتى ألقى عليه القبض أربعة رجال وساقوه إلى شرطة المدينة مكبلاً .
قصة قصيرة : أخ أخ
بقلم الأديب الفلسطيني د. خليل انشاصي
أبو عبد الله