مازلتُ أبحثُ عنكَ بينَ أمواجِ الأثيرِ، أسأل أفواهَهَ الواسعةَ الباسمَ منها والصامتَ خبرًا يُطمئنُني عنكَ، أسامرُ البحرَ.. أسألُهُ عن مركبٍ يجوبُ بكَ موانئَ المجهولِ أنت ربانُهُ، تهدأُ أمواجُهُ الصاخبة ُبدمعِ السؤالِ، يصبغُ خدَّ المنى بالشفقِ خجلا، وعجزًا في ردِّ الجوابِ.
أناجي القمرَ ليلا، أغزل نورَهُ وشاح شوقٍ أرتديهِ محلقةً فوقَ الرِّيحِ، والغيمِ والأحلامِ علني ألمحُ نافذة ًمشرعةً تحتَ ظلِّ ياسمينةٍ يعبقُ منها عطرُ الماضي الدفين. أتسلقُ جدائلَ الشمسِ بومضةٍ أملٍ عابرٍ، أحلُّها جديلة ًجديلةً، أمشطها، أفلِّيها، ولكن لاأراك.
هَمستْ لي يمامةُ ترحالٍ عتيقٍ، بأنها ستفتشُ عنك في الطرقاتِ المظلم منها والمضاء، وفي القلوب السعيدِ منها والحزينِ، وستبحثُ عنك أيضًا عند مشارفِ الأملِ، و حولَ بواباتِ السعادةِ، وستأتيني بالخبرِ اليقين.
صدقتُها، أرسلتُ معها بعضَ أشواقي الساهرةِ، فأتعبَها الحملُ في طولِ الترحالِ، ومازلتُ حتى اليومِ بانتظارِ أنْ تأتيَني بخبرٍ مفرحٍ بعد حزنٍ طووووويل.
تغير الحال.. أصبح الترحال رفيقنا في دروب الحياة.. لم تعد وحدك الضائع في الزحام.. رغيف الغربة بات قدرنا.. نتقاسمه جموعا جموعا وفي القلوب آهات تخنقها الغصات.. بحثت عنك عمرا فما وجدتك.. سألت عنك الريح والمطر.. البر والبحر.. الأحياء والأموات فلم أحظ عنك بخبر.. جاء دورك الآن فاسأل عني أين أنا ومن أنجبت الراحلة.. تعب المشوار وتعبنا من الدنيا بقسوة أهلها وهروب الخير من قلوب البشر.
أختك
زاهية بنت البحر