إِنْ ضِقْتَ ذَرْعًا بِكَسْبِ العَيْشِ فَالْتَمِسَنْ *** عَيْشًا كَرِيمًا فَفِي الآفَاقِ مُتَّسَعُ
فَالعُمْرُ يَفْنَى وَلاَ الأَيَامُ خَالِدَةٌ *** وَالمَجْدُ يَبْقَى وَهَذَا الدَّهْرُ يَنْقَطِعُ
مَا أَشْبَهَ الآَنَ بِالأَمْسِ إذَا انْصَرَمَا *** إنَّ المنيَّةَ لاَ تُبْقِي ولا تَدَعُ
ما أَسْوَأَ الدَّهْرَ تَصْرِيفًا وَيَا لَهَفِي *** إِذْ سَيّدُ القَوْمِ مَرْؤُوسٌ بِهِ لُكَعٌ
قَدْ رَأَّسُوهُ وَبِئْسَ القَوْمُ مَا فعلُوا *** إنَّ الطُّيورَ عَلَى أشكالها تَقَعُ
أو سيَّرُوهُ وفي الشطرنج يلعبُهَا *** يرتادها بَيْدَقًا والحربُ تَنْتَقِعُ
والجَمْعُ يُضْرِمُ فيهَا كلُّ ناحيةٍ *** والمشْرَفِيَّةُ خَلْفَ المَلْكِ تَمْتَنِعُ
وفي الرجال سماتٌ ليس تُخْرِجُهَا *** إلا الشدائدُ إذْ تعلُو وتَرْتَفِعُ
فَالظُّلْمُ أَسْوَأُ مَا يَأْتِيكَ مِنْ رَجُلٍ *** وَالغَدْرُ مِنْ شِيَمِ النِّسْوَانِ وَالطَمَعُ
ما أشبَهَ الصبرَ بالإقدامِ والكَرَمُ *** حُلْوٌ ومرٌ وكلٌ سائغٌ مَئِعُ
إِنَّ الكَرِيمَ الذِي كَانَتْ سَجِيَّتُهُ *** عِنْدَ النَدَى لاَ مُسْتَكِنٌ وَلاَ جَزِعٌ
كَالعَيْنِ يُشْرَبُ مِنْهَا المَاءُ جَارِيَةٌ *** وَلاَ لَهَا فِي ذَاكَ رِبْحٌ وَلاَ نَفَعُ
وابنُ المُقَفَّعِ مَا يُبْدِي ويُضْمِرُهُ *** من شأنِ دِمْنَةَ إنِّي مِنْهُ مُقْتَنِعُ
فَلِلْحِمَارِ غَرِيبُ الصَّوْتِ مُنْكَرُهُ *** إِذْ قَامَ يَخْطُبُ كُلَّ الوَحْشِ تَسْتَمِعُ
والذِّئبُ يَبْدُو صِيَامُ الدَّهْرِ دَيْدَنُهُ *** حتى يُلاقِي قطيعَ الأَيْلِ تَجْتَمِعُ
تبقَى السباعُ ملوكَ الغابِ قدْ رَضِيَتْ *** تَبْتَاعُ رُفْقَتَهَا الغِرْبَانُ وَالضَّبُعُ
إلا الوَلِيمَةَ لاَ يَأْتِينَ مَطْعَمَهَا *** حتَّى إذَا هُمْ قَامُوا طَبْعًا وقدْ شَبِعُوا
إِنِّي وَجِدُّكَ لَمْ أَحْفَلْ بِسَانِحَةٍ *** وَلا البَوَارِحَ تُثْنِينِي وَلاَ الوَجَعُ
أَخْتَارُ صَحْبِي وَلاَ الأَصْحَابُ تَنْكُرُنِي *** مَا خَالَفُونِي إِذَا رَاحُو وَإِنْ رَجَعُوا
واسْتَوْجَهُونِي بَنِي قَوْمِي إِذَا اخْتَطَبُوا *** وَاسْتَصْرَخُونِي بَنِي قَوْمِي إِذَا فَزَعُوا
كَالبَدْرِ يُخْفِي نُجُومًا كَانَ سَامَتَهَا *** قَدْ خِلَتَهَا خَلْفَ ضَوْءِ البَدْرِ تَهْتَجِعُ
وَلَقَدْ أَسَرْتُ مُلُوكَ الجِنِّ قَاطِبَةً *** مِنْ كُلِّ حَيِّ قَدِ اسْتَحْضَرْتُ وَاجْتَمَعُوا
أَلْقَوْا حِبَالاً وَمَا أَلْقَوْا عَصِيَّهُمُ *** حَتَّى الْتَقَفْتُ بِشِعْرِي كُلَّ مَا زَرَعُوا
خَبَّرْتُ سَيِّدَهُمْ مَا كَانَ يَجْهَلُهُ *** كَيْفَ القَوَافِي مِنْهَا السِّحْرُ يُنْتَزَعُ
قَدْ بَاتَ يُنْشِدُ مِنْ شِعْرِي بِعَرْبَدَةٍ *** وَالجِنُّ تَسْتَرِقُ الأَخْبَارَ تَسْتَمِعُ