مصافي الحكيم الثلاثة
الدكتور عثمان قدري مكانسي
كلمته - حين التقيته - في أمر جار لنا لا علاقة له به سوى أنه قد يسلم عليه إذا رآه وهو يطرق بابي ، فاستمع إليّ بأدب – وهذا دأبه – ولو كانت القصة لا تعنيه . فلما أنهيت حديثي نظر إليّ بعين المحب ثم قال :
أتعرف " مصافي سقراط "؟
نظرت إليه متعجباً من سؤاله ، فسأل مبتسماً مرة أخرى : أتعرف " فلاتر سفراط " ؟
قلت : لم أسمع بها قطّ .
فابتدأ حديثه قائلاً :
لقي صقراط صاحبه الذي ما إن رآه حتى سلم عليه وبلهفة وقال له : سقراط ُ يا صديقي؛ أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟"
رد عليه سقراط : أود منك – قبل أن تخبرني - أن تجتاز امتحاناً صغيراً يدعى : " المصافي الثلاث "
قال الرجل متعجباً : " المصافي الثلاث؟ "
أجاب سقراط :هذا صحيح" ، ثم تابع قائلاً :
إليك المصفاة الأولى " الصدق " أ أنت متأكد أن ما تودّ قوله صحيح؟"
كان رد الرجل : لا ؛ في الواقع أنني سمعت الخبر ليس غير.
قال سقراط مقاطعاً : حسنا ، فأنت لم تتأكد من صحة الخبر أو خطئه ...
فلنجرب المصفاة الثانية " الطيبة" فهل الخبر طيب ووقعه على المسامع حسنٌ ؟ .
قال الرجل : لا، إنه على العكس تماماً ...
تابع سقراط : حسَناً ، إنك ستخبرني عن طالبي ما ليس بالصحيح ولا الطيّب .
بدأ الرجل بالشعور بالإحراج.
تابع سقراط : ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك مصفاة ثالثة
إنها " الفائدة " ، أتعتقد أن الخبر يفيدني ؟
ردّ الرجل : " أعتقد أنه لا يفيد .
تابع سقراط : إذا كنت ستخبرني شيئاً ليس بصحيح ولا طيب ولا يفيدني ، فلماذا تخبرني به إذاً ؟ !
فهمت قصد صاحبي ... فاحمرّ وجهي خجلاً .