يسير في صمت ..
صمت مؤلم .. له رائحة العجز والحرمان .. وله رائحة الإحساس بالضياع في هذا العالم الكبير .
الدموع تترقرق من عينيه ..
دموع حارة حزينة .. لكأنها قطرات من اللهب تنزف قطرة قطرة ..
ما الذي جاء به إلى هنا ؟؟
أهي قدماه الصغيرتان ؟؟ أم قلبه الذي مازال لا يصدق الحادثة ؟؟
أم تراه القدر يأبى عليه حتى محاولة النسيان فأتى به إلى هنا ليجدد الأحزان ويفتح الذكريات ؟؟
دار بوجهه يتأمل حوله ..
هنا يرقد الراحلون عن الحياة .. وهنا ...
يرقد أباه ..
ياااه ..
حنانيك أيتها الذكريات .. حنانيك على الطفل البريء .. أما كفاك أنك تحملين في طياتك ذلك اليوم المشئوم ؟؟ إنه ليتذكره لحظة بلحظة ..
كانت البداية ألم بسيط بدأ يراوده منذ أيام ..
لم يكترث .. طمأنهم بأنه مجرد تعب وإرهاق ..
كان كما هو ..
بوجهه المشرق المنير .. وتلك الضحكة الصافية التي عشقها حتى الإدمان ترتسم على شفتيه ...
كان يلاعبه ...
يطير معه على بساط الأماني والأحلام ..
ولكن ............
الألم مرة أخرى .. في صورة أكبر .. أقسى .. أشد ..
اختفت الابتسامة ليحل مكانها النزع ..
جمد واقفا لا يستطيع حراكا ..
صوت أمه يطلب منه أن ينادي الطبيب ..
انطلق بسرعة ... بأمل ... برجاء ...
عاد ومعه الطبيب ..
اقترب من مدخل البيت ..
أصوات بكاء وعويل ..
اقترب أكثر ..
الأصوات تزداد ارتفاعا .. تخترق أذنيه وصولا إلى قلبه ...
دخل البيت ...
يتأمل حوله ..
أقارب وجيران يمتلئ بهم ..
أمه تقبل نحوه .. تحتضنه .. تبكي ..
يا الله ..
رحماك يا الله بهذا الطفل اليتيم .. أسبغ عليه من سكينتك ما يخفف من آلامه ..
صوت أمه يعلن له اليتم إلى الأبد ..
لكأنه الرعد في قوته .. والألم في توجعه ..
إنه يعيش حياة جديدة الآن ..
حياة دموع وذكريات ..
رحماك يا الله ..