بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و صلى الله و سلم على رسوله و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد:
* هل أدلكم على دعاء يخاف منه الشيطان؟
سمعت الشيخ أحمد الحَوَّاشي و هو العالم العابد الزاهد بقية السلف كما قال عنه العلامة ابن عثيمين رحمه الله، و هو يقول في تسجيل مصور على اليوتيوب#، قالَ أبو بَكْرٍ : يا رسولَ اللَّهِ ، قُل لي شيئًا أقولُهُ إذا أصبَحتُ وإذا أمسَيتُ ، قالَ : قلِ اللَّهُمَّ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ ، ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ ، أعوذُ بِكَ مِن شرِّ نفسي ومِن شرِّ الشَّيطانِ وشركِهِ وأمرَهُ أن يقولَهُ إذا أصبحَ وإذا أمسَى ، وإذا أخذَ مَضجعَهُ.) *
قال الشيخ الحواشي:
و هذا الدعاء أهم من الفطور و الغداء و العَشاء، و من قال هذا الدعاء النبوي كفاه الله من شرِّ نفسه و من شرِّ الشيطان و لم يقع في الشِّرك و لا في شَرَكِ المعاصي ، و عاش بخيرٍ و مات بخير.
قلت: و هذا من مشكاة النبوة التي لا ينطق صاحبها عن الهوى إن هو إلا وحيٌّ يوحى فقد اشتمل على أصناف التوحيد الثلاثة مع الدعاء.
فقوله صلى الله عليه و سلم: ( اللَّهُمَّ) دعاء و هي بمعنى يا الله و هو دعاء الله وحده .
و قوله عليه الصلاة و السلام : (عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ) اشتمل على توحيد الأسماء و الصفات
و قوله عليه الصلاة و السلام : (ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ) فيه توحيد الربوبية و الأسماء و الصفات
و قوله: ( أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ ) هذا هو توحيد الألوهية
و إذا كان الدين هو عبادة و استعانة فكما قيل :
إن الله جمع كلَّ الكتب في القرآن و جمع القرآن في الفاتحة و لهذا سُميت أم الكتاب و جمع الفاتحة في قوله ( إياك نعبد و إياك نستعين)
و كذلك السنة وحي كالقرآن من قبل الله ولكن بلفظ رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و قد جاء هذا المعنى في هديه صلى الله عليه و سلم ففي أول الحديث عبادة و في آخره استعانة ، فالعبادة بإخلاص التوحيد لله و الاستعانة بالتعوذ و الاعتصام بالله من شرور النفس و الشيطان.
قلت :
و هذه رسالة لمن يعتقد أن فلانا أو فلانة من أصحاب القبور و الأضرحة يملك نفعا أو ضرا بأن يتوب إلى الله و يعتصم بالكتاب و السنة و يقتدي برسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته الغُـرِّ الميامين رضوان الله عليهم .
و أنبه الأحبة على أن الأنبياء و المرسلين كانت لهم طريقة في الدعاء مبثوثة في القرآن وهي أن تبدأ بالثناء على الله و تسأله بالتوحيد ثم تذكر مسألتك:
فهذا سيدنا يونس يقول: ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) تأمل كلمة التوحيد في أول كلامه عليه السلام (لا إله إلا أنت سبحانك)
و هذا سيدنا أيوب يقو: ( رب إن مسني الضرَّ و أنت أرحم الراحمين) هل رأيت بدأ بتوحيد ( رب) و ختم بتوحيد ( و أنت أرحم الراحمين ) و جعل مسألته بينهما (إني مسني الضرُّ)
و لو تأملت الحديث أعلاه لوجدت أن رسوله الله يعلم أحب الناس إليه صاحبه و صهره و رفيق دربه أبابكر كيف يدعو ربه بالثناء على الحق تبارك و تعالى :
(قلِ: اللَّهُمَّ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ ، ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ )
ثم يذكر مسألته:
(أعوذُ بِكَ مِن شرِّ نفسي ومِن شرِّ الشَّيطانِ وشركِهِ)
فيا أيها الداعي حسينا أو عليا أو زينب أو البرعي أو التيجاني لست على شيء.
و أخيرا:
في أمر الرسول صلى الله عليه و سلم لصاحبه الصديق بذكر هذا الدعاء في مصبحه و ممساه و حين أخذه مضجعه دلالة واضحة على أهمية الدعاء في كلِّ وقت و على كلِّ ،
هذا و الله أعلى و أعلم.
_____________________
* رواه أبوهريرة رضي الله عنه و هو في مسند أحمد ، قال عنه العلامة أحمد شاكر : حديث صحيح.
#