مَوَاعِيدُ مُؤَجلّة !
المواعيدُ المؤجّلة كالغائب في حكم الله كانت تخنقني قبلك لكنّني لم أعترض على حكم الرّحمان، وحده ربّي وربّك يدبّر الأمور و يصرف الرّياح لتسوق السّفن نحو مرافئها. كنت أعلم أنّني مقبل على بحر غامضة أمواجه، و مدّ لا يرحم وجهه المقابل للقمر على سطح أرضك، قوى الجذب بيننا رفعت احتمالات النّجاة و الغرق، و الجزر في حياتنا صار لا يقبل السّكون و الهدوء لأنّ الوجه الذّي لا يقابل القمر قد تاه أيضا يبحث عمّن ينهي ضعف الجاذبية. قد تسألين مثلما يسألون: ماذا تقول؟، سأجيبك بلغة أبسط من لغة الشّاعر الصّوفيّ المتجوّل حاملا بشارات الهدى من هلاك: إنّه السرّ الرّبانيّ الذّي لا يعلمه غير الخالق الواحد الأحد، الآمر، النّاهي المنتهي الذّي بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير.. وحده ربّ العباد يعلم سرّنا كلّنا و أخفى. آه، لو كنت تعلمين؟. آه، لو كانوا يعلمون؟. آه، لو كنّا جميعنا نعلم؟، لما تبادلنا التّهم، و لما كِلنا لبعضنا الشّتائم، و لما تجرّأ الدّمع في عينيك ليلعن صمتي وغيابي. لو كنت تعلمين؟، لبكيت قليلا و ضحكت كثيرا، راضية مستبشرة، فرحة بالقضاء و القدر، أمّا هم فلا أعير لهم وزنا لأنّهم كانوا آخر الرّكاب في سفينتنا، و حقائبهم المتأخّرة مثلهم، التّائهة مثلهم ترثي حالهم، فهم آخر اللاّحقين بالرّكب ، و تفاصيل حقائبهم غير ذات أهميّة في السّفينة بين المتاع. كم آلمني تدخّل أوفورتونا في مصيرنا، يا لها من حمقاء !، كيف لها أن تفرّق بين الأرض و القمر يوم تبنّت شكوى المصير المقلوبة صورته أمام عينيها الجاحظتين؟!!. يا لها من حمقاء !، من تظنّ نفسها، آلهة القدر؟!!. يا للرّعونة !، إذ راحت تفتن النّاس على سفينتنا.. في غيابك راحت تنثر الوجع، و تغنّي للخيانة و الجبن و الحقارة. يا للعار!، إذ ادّعت الألوهيّة و الرّبوبية و سخرت من ربّ العزّة، و ربّ كلّ السّفن الهائمة العائمة. المواعيد المؤجّلة يا حبيبتي كالغائب في حكم الله، فادعوا للغائب أن يعود إلى أهله سالمًا غانمًا.