رمضانُ أقبل

هلّا الهلالُ فأيّ شهر يُقبِلُ *** خير الشهور فلو عرفت المقبلُ

شهرٌ عليه كالجلالِ مهابة *** وبلوغه للمؤمنين المأملُ

رمضانُ أقبل يا سواعد شمّري *** فبه النجاةُ من اللظى والمنهلُ

للتائبين المذنبين مفازة *** للأتقياء الطامعين الأفضلُ

سعدا لمن قامَ الليالي تائباً *** وأنابَ فيها زاهداً يتبتلُ

تتسابقُ الخيرات عند صيامهِ *** فلذا التقاةُ إلى المفازة تعجلُ

مثل البحار المُغرقاتِ حياتنا *** والصومُ فيها كالسفينة يحملُ

ريعُ الصيام بشائر ومكارم *** فيفيضُ عيدُ الصائمين ويَحفلُ

يعلو على الدنيا البخيلة نعمةً *** بالمكرماتِ وبالمكاسبِ يرفلُ

كنزٌ دعاءُ الصائمين لربّهم *** فعطاءه عند الصيامِ الأشملُ

شهرٌ به خيرُ الليالي منزلاً *** جوداً تزيدُ ورحمةً لا تأفلُ

والروحُ فيه والملائكةُ العُلى *** وكتابُ ربّك جمعها تتنزّلُ

مثلُ الغمام المثقلاتِ ظلالهُ *** فبها الخطايا والمعاصي تُغسلُ

النومُ فيه للتقاة عبادةٌ *** بمنامهم أنفاسهم تتهلّلُ

عِتقُ الرقابِ بليلة لو أدُركت *** إعمالها من ألف شهرٍ أفضلُ

يا ليلة القدر العظيم رجاءُنا *** نحييك أنْ شاء الكريمُ وننفلُ

رمضانُ تدريب النفوسِ على التقى *** فالخيرُ فيه والصلاحُ الأمثلُ

كُتب الصيام فريضة وغذاءه *** يُحْيي نفوسَ المؤمنين ويُجملُ

بالشهر أنْ كان الرياضَ قليلهُ *** فمن الدهور جميعها الخردلُ

جوعُ الجوارحِ صحّةٌ وسلامةٌ *** وبه الفقيرُ إلى المنعّمِ يُوصلُ

ليلُ المساجدِ بالتقاةِ منّورٌ *** تُحيي النوافلَ والكتابَ ترتّلُ

يقضون أيّامَ العطاءِ عبادةً *** وإلى الغفورِ قلوبهم تتوسّلُ

يتململون بليلهم وسجودهم *** وهمو بذاك من المعاصي جُفّلُ

رمضانُ مدرسةٌ نجاحُ فصولها *** ضبطُ الغرائز والتقى وتحملُ

يحيا الكثيرُ صيامهم كمحافلٍ *** فاللهو طبعٌ والتسوقُ مُشغلُ

لا خيرَ في صومِ العبادِ وليلهم *** لهوٌ يباحُ وتخمةٌ وتجوّلُ

مرحى لمن صان الصيام مؤمّلاً *** أنْ جاء يومُ العيد أنْ لا يخجلُ

خيرُ الخليقةِ مَنْ يصومُ كأنه *** أنْ بتَّ عنه لا يعودُ ويُقبِلُ

قد فازَ مَنْ حفظ َالصيامَ كأنّه *** بعد الفطورِ إلى المقابر يرحلُ

أنْ صمت صومَ الزاهدين كما هدى *** يمحو الغفورُ السيّئاتِ ويكفلُ

لا تيأسنّ من النجاةِ فأنّه *** رغم الخطايا فالإنابة تُقبلُ

ربحَ الصيامَ المنفقون ومَنْ لهم *** خُلق الكرامِ ومَنْ تقاهم أكملُ