أبلى الزمانُ عليه كلّ نائبةٍ

في عدّةِ الحربِ عامُ الحزنِ أثقله = بالموجعاتِ كأنّ الروح بالكَظَمِ

يبكي خديجة دمّاً والفؤاد نعى = من كانت الودَّ في السّراءَ والأزمِ

كانت مكارمُها مالاً لنصرته = وبالرسالةِ تصديقاً بلا تهمِ

يبكي الكفيلَ بعامٍ قلّ ناصره = كمنْ بدارٍ هوت بالسقفِ والحشمِ

ابلى الزمانُ عليه كلّ نائبةٍ = تترا على وجعٍ بالصبرِ مرتسمِ

هبتّ قريشٌ على الهادي وعترتهِ = والصحبِ هبّ عدوٍ آثمٍ أضمِ

من كلّ ركنٍ سهامُ العسر تأخذه = طوداً تحدّى فلم يقنطْ من الوكمِ

ما كان يغزو إلّا للهدى سبلاً = أو صدّ عادٍ بودئ الدينِ ملتزمِ

كالجيشِ كان مهاباً في الوغى وبها = من نادَ أحمد لاذَ الجلْدُ بالظلمِ

كرّ التقاةُ أسوداً حين يقدمُهم = والخيلُ تقطعُ وثباً مربطَ الشكمِ

اللّبدُ اهونُ أنْ يدنو لهيبته = والأرضُ ترجف في قربٍ وفي إرمِ

ما كان يثخنُ في حربٍ إذا سعرتْ = ولا أسيراً أذى في أيّ مصطدمِ

خاضَ الحروبَ لعدلٍ جاءُ ينشره = ورحمةٍ لبلوغِ الخيرِ والسَّلَم

فغُرَّةِ النصرِ عنوانٌ برايتِه = في كلِّ حربٍ ضروسٍ بالردى نهمِ

وحوله الصحبُ من خير الورى ورعاً = طافوا عليه كمتراسٍ من الشممِ

حصناً إليه قلوب المؤمنين غدت = ما هدّها فزعٌ حين الوطيس حمي

قد سابقوا الخيلَ ما فرّوا بواقعةٍ = ولا دبراً أداروا لموتٍ او لمُقتحِمِ

سودٌ بيارغهم بيضٌ أياديهم = شمّ أنوفهم بالدين والهممِ

عند القتالِ طووا بيدَ الوغى همماً = طيّ الجمالِ ثرى الوديانِ والأجمِ

صواقلُ البيضِ ضاءت كلّ مغبرةٍ = كأنّ شيباً أضاءَ الشعر باللمِمِ