وماذا بعد بشار ؟

قاربت السنة الخامسة على الثورة السورية على البدء ، ونحن لا نزال نشاهد الفصل الأول من المسرحية التراجيدية السورية ؛ إذ فيه مشاهد كثيرة منها الغاز السام ، وظهور دولة العراق والشام ، وعصائب إبي الفضل العباس ، وحزب الله ، والحرس الثوري الإيراني ، والخذلان العربي والإسلامي ، والشتات الداخلي والخارجي ، والموت جوعاً ومرضاً بسبب الحصار ، وما إليها من مشاهد .
وريثما تختتم التراجيديا فصلها الأول الذي لا نعلم كيف سيُختتم ؟!
أبسقوط بشار ؟ أم بسقوط المعارضة ؟ أم بسقوطهما معاً ؟
لن أكون في طرحي متفائلاً أبداً ، فالوقائع والشواهد تحتّم عليّ ذلك .
لنفترض جدلاً أن نظام الأسد قد سقط ، فماذا سيكون بعده ؟
ستبدأ مسرحية أفغانستان عقب سقوط الحكم الشيوعي في كابل ، والتي انتقلت بكامل ديكورها المسرحي إلى ليبيا ، وهي الآن تعد نسخة طبق الأصل من هذا الديكور للعرض في سوريا .
مسرحية أفغانستان وصراع أمراء الجهاد على الحكم ، ومسرحية ليبيا وصراع قيادات الثوار على الحكومة والبرلمان ، وسيكون مثلها إن سقط نظام بشار في سوريا ، ففي أحسن الأحوال سيكون هناك فصيلين أو ثلاث يقومون بأدوارهم المخزية ، وسيكون هنالك ( كومبارس ) من شيعة سوريا ولبنان والعراق وإيران ، حتى يُجَوِّدوا أداء أبطال المسرحية ، وينفذوا بعض مشاهد التفخيخ والتفجير والاغتيالات .
وما ذاك إلا إن كانت القوى متكافئة ولكنها ليست كذلك لو سقط النظام ، فالقوة الكبرى بيد دولة العراق والشام ، والعزيمة والمعنويات في صالحهم ، والهدف في أذهان تابعيهم موصل إلى الجنة ، والتحالف الدولي في أيامنا هذه يداعب أفرادها تارة بالصواريخ لقتلهم ، وتارة بعتاد متطوّر ليستمروا في صدارة المنافسة – سقوط السلاح الأمريكي المتطور ووقوعه بأيدي دولة العراق والشام وبكل تأكيد كان بالخطأ - .
هذا جزء من الفرضيات التي نتوقعها لو سقط نظام بشار .
ولكن . .
ماذا لو لم يسقط نظام بشار ؟
أو تأخر بسقوطه ؟
إن سقط نظام الأسد فلن يكون على المدى القريب ، كما هو واضح لكل متابع ، فالإنهاك أعيى الجيش الحر مما يتلقاه من النظام تارة ، ومن دولة العراق والشام تارات ، وهو غير قادر على الصمود أكثر إلا بعزيمة رجاله فقط .
نظام الأسد مدعوم من عدة دول وفصائل وأفراد ، ويبذلون له الغالي والنفيس ليستمر ، وله تحالفات واضحة وإن لم تكن معلنة مع دولة العراق والشام ؛ فلا اشتباكات ولا قصف ولا حتى حرباً إعلامية بينهما .
نظام الأسد مسيطر داخلياً – رغم ما تقوله المعارضة من مزاعم - ، ومهيمن خارجياً – بقوة حلفائها الداعمين المترنحين بهبوط أسعار النفط - .
وقد يسقط نظام الأسد في المدى القريب بخيانة داخلية ، أو بتغيّر يحدث مع الدبّ الروسي ، أما الولي الفقيه فلن يترك ابنه في مهب الريح أبدأً ، وسيزيد ضخه اللامتناهي مادياً ومعنوياً ، أفراداً وسلاحاً ، وحضوراً دولياً .
مَنْ ظن أن القضية السورية ستنتهي بسقوط بشار - إن سقط - فقد وَهِم ، وما نخشاه هو بقاء الأسد وكذلك زواله ، فإن صمد سيزداد جبروتاً وطغياناً ، وإن زال فسننتظر السيناريو الأفغاني .


باسم الجرفالي

20 / 3 / 1436هـ