نَجوى

هي – أتحبّ أن تقول لي شيئاً قبل إنهاء المكالمة ؟
هو - أرأيتِ إن دخلَ نافذةَ بيتك طائرٌ من طيور الجنّة فخبّلكِ من روعته ، وتمنّيتِ أنْ لوْ كانَ لكِ ثم بتِّ في حيرةٍ من أمر قلبك وعقلك ؛ كيفَ تستبقينه حَبيساً ؟ العقل يُغالب القلبَ ... والروحُ بينهما الطفلُ المسكينُ بينَ المرأتين وسليمان !! هل يكفي ؟
هي - لا ، أكملْ .. أوَدّ سماعَكَ أكثر ، لعلّ الاستماعَ يُريحك .. و يُريحني !!
هو - وفي الخارج كانَ للطائر عشٌ وأفراخ ، وأهل ودنيا ألفها .. يكفي ؟..
هي - عندك كلام أكثر تُحبّ أن تحكيَه لي ... !! وأنا أسمع ... أسمع نغمة حزينة !!!
هو - خائفٌ أنا من شطحاتي !! خليها لما بعد .. ربنا يخليك ... على قول المصريين ...
هي - أنا أحب شطحاتك ..لكنني لن أضغط عليك ..ولكن قبلَ ( تصبح على خير ) سأبوح لك بسرٍّ عن طائرك ... طائرك الذي تراه من الجنة ، وهو ليس كذلك !! يا سيدي الكريم ، عندما فُتح باب القفص عن غفلةٍ من مالكي الطائر ، فر منهم بأعجوبة ! و لا يزال البحث عنه قائما ! فحط رحاله عند نافذتك طمعاً بأن تعلمه التحليق في سماء الحرية ، في زرقة الأدب ... و صفاء الروح ، أيكفي ؟
هو – لا .
هي - يبحث عن حقيقة ، لا يدري أين هي ، يبحث عن أمان ، أمان خارج القضبان .. و يخشى ألا يجد ما يبحث عنه ... روحه تضطرب .. ترتجف ... ثم تخمد ، و جناحاه ، آآآآآآه من جناحيه كل الألوان فيهما ، لكنه لا يراهما ، فكلما كبرا قليلاً و ظهر عليهما الزغب ؛ أتاه المقص فقطع أوصال روحه ، و اخترق شرايين مشاعره !! ثم ماذا بعدُ ؟! ... تعبٌ .. تعبٌ .. تعبٌ ... و روحٌ لا تستقر !!!
هو - وحين سمعِتِ تباريحَ طائرك الرائع يبثّها إليكِ ألَماً دامياً أشفقتِ عليه ، وعليكِ ، لأن أصحابَ النافذة صنعوا لها مزالجَ من حديد قاسٍ ، وعمّا قليل سينتبهون إلى أنها مفتوحة شيئاً قليلاً ، وسيرتجونها ! تخشين أن يبقى طائرك عند أصحاب النافذة الذين لا يُحبّون إلا النعيبَ لأنهم من بني الغِربان ، وستشفقين على روحك إن أخرجتِه من النافذة أنْ يروحَ بها ..
غاليتي ..
- نعم ..
- تصبحين على ألف خير .
- و أنتَ بألف ألف خير ، أحلاماً سعيدة أيها الطائرُ الجميل !
- وأنت أيضا ، يا سجّانتي الرحيمة !