لا تحرقــه
أدار محرك السيارة بإرتباك ، اهتزت أنامله حتى استقرت على المقود ، نظر للوميض الأحمر الذي يأتي ويغيب ، حرك مؤشر الراديو حتى توقف على ما يريد ، رتل معه بعض الآيات بصوته الغائر بدهاليز الخوف ، خلخل لحيته السوداء ثم تماسك بالأطراف ، نظر للندبات السوداء التي تركتها قضبان أبيه الملتهبه على ذراعه المفتول ، كانت القسوة تتساقط من بين يديه فتحرقه ، استحلفه بالله .. قبل يديه .. قدميه .. تعتصر رأسه الصغير ، استغاثات أمه بالجيران .. صرخاتها .. بكائها – ابني .. ابني لا تحرقه – لكن صفعاته كانت تستقر هناك على الخد الحنون ، البصمات الحمراء تنتشر كالمرض الخبيث – لا فائدة من التوسلات – الوميض الأحمر يخترق عينيه ، يغدو ويروح .. يضىء وينطفئ .. السيارة تغلي بالوقود ، زادت السرعة .. المؤشر لا يتردد .. 80..90..100..120..160. ابني لا تحرقه .. لا تحرقه .. التوسلات تنتشر .. الصرخات تعلو .. غاب الوميض .. عاد الوميض بلاغياب.
محمد سامي البوهي



رد مع اقتباس
