إليكِ فؤادي في لظى الشوق قد جرى وأعرض قلبي عن سواكِ وأدبرا
ولو أنني ما عشت إلا دقائقاً لصيرت بعد الله حبكِ مصدرا
سأبني على قلبي لحبكِ مسكنا وأجعل أحشائي مروجاً وأنهرا
فيعجز عنه الواصفون بوصفهم ويقصر عنه الفكر مهما تصورا
لأني إذا قيس المحبون كلهم بمثلي أرى أسمى محب وأشهرا
وأصغر سناً بينهم غير أنني تحملت من حجم المحبة أكبرا
ولو حملت أرواحهم بعض محملي لما هزها نفس بصدر ولا سرى
فهاتوا محباً قد تفانى صبابة وبالنفس وفىّ للحبيب وأمهرا
وهاتوا حبيباً صار بالحسن مضرب الـ ـمثال وأولى بالثناء وأجدرا
وأصون عن لمس الأيادي عفافه من الشمس في العليا وأنقى وأطهرا
يعللني الثغر الملبس لؤلؤا وجفنان من هدب السهام تصدرا
وريق فم كالشهد حلوا وصافياً وكالخمر قتال العزائم مسكرا
ويرهقني لمع الجبين تأملاً وشعر كجنح الليل طولاً ومنظرا
وأزداد من ميل الحواجب دهشة بعينين خلتهما من الحسن جوهرا
وشاهدت وجه البدر ألقى شعاعه لخدين من ورد الروابي تعطرا
فلاح بوجه البدر بدر يفوقه وأزرى به حسناً وهلّ ونوّرا
فعظم قلبي خالقي ساجدا له وهلل في وجه الجمال وكبرا
أيا آية ما أرسلت لنبوة أتبصر عيني مثلك اليوم في الورى
ولو أن فوق الأرض ممشاك والثوى لساوى ثريات الثريا ثرى الثرى
ومالك من حب نمى في جوانحي أشاهده مما برا الله أكثرا
وهبتك ما يفنى به كل واهب وبعتك حبي يوم قلبي له اشترى
وصرت بشعري فيك أفصح ناطق وأبلغ من تحت السماء وأشعرا
تسامرني الأفلاك في غبة الدجى فأصمت الا عن هواك فأخبرا
وتعرض لي دنيا الحسان نماذجاً فتعمى عيوني عن سواك فلا أرى
وشمس تراءت بعد شمس لناظري وتكشف ساقيها لكي أتأثرا
فما فتحت عيني لغيرك ناظراً ولا أغمضت عن رؤية لك مبصرا
ولا هام قلبي أو تحسس خاطري ولا عمرت نفسي لدونك معبرا
لقد غلبت أعضاء ضعفك قوتي كما غلب الضعفاء كسرى وقيصرا
فصوني فؤادي بين جنبيك عفة وزيديه من عين الحسود تسترا
ولكنني أخشى على الجنب علة بأن يتلظى من فؤادي ويصهرا
هيام عميد باعه العشق للردى وأفقده إلا الخيال وما درى
ودهر أقاسى غربة من صروفه وعزم يرافقني أنخت به الذرى
وصبوة ملتاع تذيب جوانحي بحر فراق من جهنم أسعرا
فليت ليال الوصل تزداد سرعة إلينا وبعد الوصل فينا تأخرا



رد مع اقتباس
