يا مكفوفي العالم : اتحدوا .
كنت جالسا في مكتبي بالكلية بالأمس القريب ، وحضرت طالبة من الطالبات واخبرتني أنها عضوة في اتحاد الطلاب بالكلية وأن طالبة من الطالبات مكفوفة البصر قد سجلت عندي في مقرر من المقررات ، وهي تريد معرفة اسم الكتاب المقرر ،لكي يقوم اتحاد الطلاب بكتابته بطريقة برايل ليكون الكتاب جاهزا في يد الطالبة قبل بداية الفصل الدراسي ، وأعطيتها اسم الكتاب والم}لف وشكرت لها ذلك .
تذكرت بعد مغادرة الطالبة مكتبي أنني درست في العام الماضي هذا المقرر لطالب من المكفوفين ، وأن هذا الكتاب بعينه قد كتب قبل ذلك بطريقة برايل للطالب مع موضوعات أخري في المنهج فقلت يا حبذا لو كان هناك لون من ألوان التنسيق بين الطلاب وإذا كتبت أي مادة أدبية بهذه الطريقة يكون منها نسخ مشابهة موجودة في مكتبة الكلية يرجع اليها الطالب عندما يريد .
وعلي ذكر هذا الأمر عادت بي الذاكرة إلي الوراء ، فقد كان لي صديق في مرحلة الدراسة بالكلية - رحمة الله عليه -كنا نذاكر سويا تلك المقررات الدراسية العويصة ، ولا أقول الصعبة فهي عويصة فعلا لأن اللفظة عويصة تدل علي ذلك فقد كنا ندرس النحو في الأشموني وعليه حاشية الصبان وعلي حاشية الصبان شرح العيني عليهم جميعا وعلي تلك المقررات وتلك الأزمان سحائب الرحمة والرضوان -كنت أذاكر مع رفيق دربي هذا تلك المقررات وكان مكفوف البصر وكنت اقرأمرة ومرات ومرات حتي يستوعب جيدا وقد كانت مكافأتي من الله سبحانه وتعالي أنني كنت أحاول أن أفهم أولا ثم أعيد ليفهم هو مرة ثانية وثالثة حتي صرت بهذه الطريقة معلما لنفسي أولا وللآخرين بعد ذلك .
وأنا أشرف الآن بصحبتي لأخ وصديق في جامعتي بمصر _حفظها الله والأمة الإسلامية من كل سوء - وقد أنعم الله عليه بفقد بصره منذ الصغر - وفقدان البصر نعمة من النعم في هذا الزمان وهو أستاذ جليل متخصص في التاريخ الإسلامي
وأنا اعايشه عن قرب وأحس بمعاناته في تجميع المادة العلمية من مظانها ويعاني في سبيل ذلك معاناة شديدة .ومع ذلك فقد استطاع بعون الله سبحانه وتعالي أن يشق طريقه ليكون صاحب أسلوب متميز وقلم جاد في التاريخ الإسلامي .وكان في نيتي أن يصير نوع من التنسيق بيني وبين جمعية المكفوفين بالكويت لدعوة هذا الأستاذ الجامعي من مصر ليلقي محاضرة هنا في الجمعية يحدثنا فيها عن حياته وتجربته في الدراسة والمذاكرة وتحضير الدروس وتأليف الكتب ،ولكن عملي هنا في الكلية في الكويت لم يترك لي نفسا أتنفسه ،
أو وقتا أقابل فيه من أطرح عليه الفكرة ويا ليتني أجد صديقا يتحمس لهذه الفكرة .
وأنا في جامعة في مصر تزخر أكثر من غيرها من الجامعات الأخري بوجود المكفوفين بكثرة فيها وآلمني وجود أعداد كثيرة في كليتي يحصلون العلم بصعوبة ولا يستطيعون التعامل بسهولة مع هذا الاختراع الجديد وهو الكتاب الالكتروني أو الكتاب المقروء علي الشبكة العالمية . وزاد من ألمي أن عضوا من أعضاء هيئة التدريس في الكلية قد كف بصره بعد حصوله علي الدكتوراه ، وعندما زرت الكلية في الصيف الفائت وجدته جالسا وبجواره شاب يحاول أن يتصفح له الشبكة الدولية في صعوبة وهو لم يتعود منذ الصغر أن يكون مستطيعا بغيره . وقد نبتت في رأسي فكرة تحدثت فيها مع صديقي أستاذ التاريخ الإسلامي في ضرورة وجود مكتبة في الكلية للمكفوفين من أعضاء هيئة التدريس ومن الطلاب تضم عددا من الكمبيوترات وبرنامج صخر الناطق الآلي ومرشد اعلميا ، وأي كتاب ينشر علي الشبكة الدولية يترجم إلي صوت بواسطة الحاسب الآلي البرنامج الناطق ويكون جاهزا بواسطة المرشد العلمي في المكتبة لمن يطلبه من الطلاب .
وهو مشروع جليل لمن أراد خدمة الإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء وهي دعوة لأهل الخير لمن أراد أن يتيبني هذا المشروع وأعود مرة أخري فأقول :يا مكفوفي العالم :أتحدوا ونحن معكم إن شاْ الله.
د . عبد الناصر محمد السعيد