يحترمون المال ويستحقرون الإنسان
بقلم : عمار باطويل
بتاريخ 9-3-2009م

مما جعلني افكر واكتب عن موضوع المال بسبب الأبيات المتكررة التي قراءتها عن المال والتي تعظم وتمجد المال وخاصة نظرة الشاعر للمال بأن المال هو الذي يرسم طرق السعادة والمجد لأصاحبه وأما الفقر يجعل صاحبه تعيس ويجعل الناس تنفر من حوله كما سنرى قصة ( جعيس ) المسكين والذي اصبح ضحية الفقر. فلست إدري هل الشاعر من يترجم لنا مشاعرنا وأفكارنا او مجرد أحاسيسه ونظرته الخاصة للمال مما جعل المال مهم في حياة الكثير من بني البشر. وربما للأخرين نظرة مختلفة للمال ويفضل الثقافة والعلم عن المال , كما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الثقافة والعلم : " كل إنا يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع " . ولكن هناك بعض الأبيات وبعض القصص التي تعظم المال وتوضح لنا إن المال جعل البعض من الأشخاص في مكانة عالية عند قومه, ومن قل ماله قلت رجاله ولا مكان ولا مجد له عند بني جلدته, وإليكم قصة جعفر الذي كان صغيرا" وقزما" في نظر قومه بسبب قلة ماله وفقره.
كان جعفر مستحقر من قبل قومه وكانوا يستحقرونه وينادونه بخلاف اسمه الحقيقي ويسمونه ( جعيس ) والجعيس تصغيرا" وتقزيما" للشيء واستحقارا" له. فعندما كان جعفر فقيرا في قريته لا احد يسأل عنه إذا مرض ولا احد يزوره في بيته أيام المناسبات والأعياد, وكان أهل قريته يستحقرونه لقلة ماله وينظرون له بأنه رجل تافه لا يهش ولا ينش. ولكن عندما سافر جعفر عن أهله ووطنه واغترب لسنوات طويلة وبعد عودته تغيرت كل المفاهيم والنظرات المختلفة والمقزمة له من قبل قومه ,فعندما أتى جعفر من غربته بقوافل من الأبل تحمل الكثير من المال جعل القوافل بعيده عن أعين الناس اي بعيده عن أعين ابناء قريته لكي يعرف هل مازالوا على عهدهم السابق واستحقارهم له بسبب فقره او تغيرت نظرتهم إليه؟. فدخل جعفر قريته خالي الأيدي ورث الملابس وعندما رأوه الناس لم يهتموا به ولم يرحبوا به على الأطلاق وبعد مرور يومين أمر جعفر العامل الذي يعمل معه ان يسير بالقوافل نحو القرية , وعندما دخلت القوافل كان الناس في دهشة غريبة وكلن يسأل الأخر بستغراب شديد لمن كل هذه القوافل المحمله بالخير الوفير ؟. فعندما علموا أهل القرية بأن كل هذه القوافل ( لجعيس الفقير سابقا ) و ( لجعفر الغني اليوم ) , فقاموا بزيارته في بيته وبالترحيب به وينادونه بأسمه الحقيقي يامرحبا بجعفر, آنستنا ياجعفعر نورت بلادك ياجعفر والله مشتاقين لك ياجعفر , طولت الغيبة ياجعفر وكيف وصلت ولم تخبر احد بوصولك ياجعفر...!! , فكان جعفر مندهشا من التقلبات التي حصلت لقومه وكيف اصبحوا اليوم خلاف الأمس وكيف انهم يحترمون المال أكثر من احترامهم ( للإنسان). فقال جعفر هذا البيت من الشعر :

جعفرتني يادرهمي من بعد ما كنت جعيس
ويؤكد لنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن للمال دور كبير في تغطية العيوب وأن قلة المال تجعل الشخص صغيرا واحمق في نظر قومه , ويقول :

يغطي عيوب المرء كثرة ماله*** يُصدَّق فيما قال وهو كـذوب
ويزري بعقل المرء قلة ماله ***يحـمقـه الأقـوام وهـو لبيـب


ويؤكد لنا المتنبي في بيت له من الشعر بأن المال هو الطريق إلى المجد شريطة أن يكون صاحب المال كريم واما الغني البخيل لا يصنع المجد مهما كان كثرة ماله ويقول :

لا مجد في الدنيا لمن قل ماله
ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

والبعض ينظر بأن المال هو الذي يرسم طريقنا إلى النجاح ويقودنا إلى صعود القمم والبعض الأخر يقول إن المال أحيانا يكون طريق إلى الإنحطاط الأخلاقي وتدني في الفكر ولا يعالج همومنا ولا كل مانطمح اليه بل ربما يكون عائق لنا في بعض الأحيان. وآخرون ينظرون إلى إن العلم والثقافة يرجح بكفة المال وهو الذي يجعلنا نفكر ونجلب بعض مانريده بطرق أفضل وبفكر اكثر نضوجا. أفكار الناس ونظراتهم تختلف عن للمال والعلم والثقافة . ولكن دعونا نتعرف أكثر وأكثر عن ما وصلت اليه من نتيجة بحثي في الجوجل عن المال والثقافة , والعلم ؟. فعندما قمت بالبحث في محرك جوجل للبحث باللغة الأنجليزية عن المال , العلم , والثقافة وجدت بأن الذين قاموا بالبحث عن كلمة المال او النقود ( Money ) وصل إلى 000, 000 , 976 ( تسع مئة وستة وسبعون مليون ) اما عن العلم ( Education ) فقد وصل البحث إلى 000 , 000 , 788 ( سبع مئة وثمانية وثمانون مليون ) اما عن الثقافة فقد احتلت المرتبة الاخيرة ووصل عدد الباحثين عن الثقافة( Culture ) إلى 000 , 000 , 439 ( أربع مئة وتسعة وثلاثون مليون ). وكان أختياري اللغة الإنجليزية في البحث لكون اللغة الإنجليزية الأكثر أنتشارا في العالم. ونتيجة البحث وضح لنا أن المال أتي برقم أكبر من العلم والثقافة واحتل المركز الأول وهذا ربما يترجم لنا ان المال أهم بكثير من العلم و الثقافة في نظر الكثير من الناس. والله سبحانة وتعالى يؤكد لنا إن الإنسان يحب المال ومشغوف بحبه , فقال الله سبحانة وتعالى في كتابه الكريم : ( وتحبون المال حبا جما ) سورة الفجر الآية 20. حتى حديث الناس دائما عن المال ولذلك السبب أتي البحث عن المال في محرك جوجل للبحث في المرتبة الاولى .