الثروة الحقيقية
_______
بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
______

يعتقد الكثير منا أن الثروة فى جمع المال وتكدسه ولكن المال مهما كثر فمصيره إلى النفاد ولاتبقى إلا المبادىء والقيم وأذكر فى هذا المقام ماكتبه الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى ابنه عبد الله فى غيبة غابها :
( أما بعد .. فإن من اتقى الله وقاه ومن توكل عليه كفاه ومن شكره زاده ومن اقترضه جزاه فاجعل التقوى عمار قلبك وجلاء بصرك فإنه لاعمل لمن لانية له ولاخير لمن لاخشية له ولاجديد لمن لاخلق له )
وهذه القصة التى اسوقها لك عزيزى القارىء وقعت فعلا فى الحياة حيث كان الحاج خليل العامل المتقاعد العجوز الذى جاوز سن المعاش القانونى عائدا إلى بيته فأحس بإحدى قدميه تصطدم بحثيبة ثقيلة على جانب الطريق وتوقف الحاج خليل وانحنى يفتح الحقيبة فإذا به يفاجأ بما لم يكن على بال .. فقد كانت الحقيبة الأنيقة تحوى ثروة من المال
أعاد الحاج خليل غطاء الحقيبة إلى مكانه وحملها وراح يبحث عن اقصر طريق يوصله إلى قسم الشرطة الذى لم يدخله مرة واحدة فى حياته .. وهناك سلم الثروة التى عثر عليها وعندما أحصوها وجدوا أنها تزيد على المائة ألف جنيه استرلينى
أنصرف الحاج خليل فى هدوء عائدا إلى بيته بعد أن ترك اسمه وعنوانه وفى الشقة التى يعيش فيها مع زوجته وابنه الوحيد جلس يروى قصته مع الحقيبة وقال لأسرته :
لم يخطر ببالى للحظة واحدة أن أحتفظ بهذا المال الكثير .. كان همى كله أن اعيده لصاحبه ولم يكن أمامى إلا الذهاب لقسم الشرطة
أستطاعت الشرطة أن تصل إلى صاحب الحقيبة .. انه أحد البنوك حيث كانت سيارة البنك تحملها مع ست حقائب أخرى تحوى مبالغ كبيرة وعندما فتح الباب الخلفى الذى أهمل الحرس إغلاقه سقطت الحقيبة فى الشارع وفى مساء ذلك اليوم كان الحاج خليل يشاهد أحد برامج التليفزيون وفجأة سمع اسمه يتردد على لسان رجل وقور يجلس إلى مكتبه .. انه مدير البنك الذى اعادت إليه الشرطة المبلغ الضائع وراح مدير البنك يشيد بأمانة الحاج خليل و يتوجه إليه بالشكر بينما كان الحاج خليل يستمع إلى كلماته وهو يشعر بين أهله ومعارفه بالسعادة
وقالوا بعد أن أنتهى البرنامج التليفزيونى :
ألم تحصل على مكافأة ؟
فقال الحاج خليل :
بل حصلت عليها وأكثر .. يكفى أننى أعيش اليوم مكرما وسط أسرتى وأهلى وجيرانى .. أننى فخور بما فعلت .. هذه هى ثروتى الحقيقية
________
نشر فى جريدتى المساء والعمال فى الثمانينيات والتسعينيات