أهلا ً بكم أيها السادة والسيدات ..

أبدأ بمقولة : وما أبرئ نفسي .. إن النفس لأمّارة بالسوء ..
إنما هي أفكار وتأمّلات لما أقـع فيه ويقع فيه غـيري أحيانا ً ..


الملاسَـنة والخصومة بالقول أمر نراه بل ونمارسه في حياتـنا بعـض الأحيان ..
فهل تأمّـلنا في عواقبه ؟؟..
فمن تــُلاسنه إما أن يكون رفيـع المقام عـند الخلق .. فسيـرى الناس أنك أخطأتَ في خصومته حتى لو كان الحق مـعـك ..
وإما أن يكون وضيعـا ً أحمق .. فكذلك سيرى الناس أنكَ أخطأتَ ووضـعـتَ مِن قــَـدرك عـندما صرتَ نِدا ً له ..
وإن لم يكن هذا ولا ذاك .. فيكفيك خسارة ً أنكَ أضفـتَ عـددا ً جديدا ً في حساب مُخاصميك .. عـدا كونكَ خرجتَ عن نطاق العـقلاء ودخلتَ نطاق السفهاء والمجانين ..

ولو تأمّـلنا بداية الخصومات .. فلا بدّ أن نرى لثورة الغـضب وعـدم تمالك النفس نصيـبا ً من أسبابها , إن لم يكن السبب الرئيس ..

والغـريب .. أنه لو نـعـتـك أحدهم بالجنون لتضايقتَ وربما أسلتَ عليه سيلا ً مِن السباب والشتائـم لمقولته تـلك ..
وتـنـسى أنكَ في حال غـضـبكَ هـذا ألغـيتَ جزءً مِن عـقـلكَ إن لم تكن قد ألغـيـتــَـه بالكليّة !!.. وهل المجنون إلا فاقد العـقـل ؟؟..

والغـريب أيضا ً أن البعـض يحتجّ بكونه خــُـلِـقَ عـصـبـيا ً , وأن الأمر خارج عن إرادتـه .. وينسى أن الحلمَ بالتحلــّـم ..

فكلّ ماعـليكَ عـزيزي الغاضِـب أن تـسـتـعـيذ بالله من الشيطان الرجيم .. إذ أنه يسري منكَ مسرى الدم في العـروق , وهو سبب في زيادة ثورة غـضـبك .. فالجأ إلى المولى لِـيـخـلـصكَ مِنه ويـبـعـده عـنك .

وتذكّر بأن كلّ كلمة تـقولها محسوبة عـليكَ عـند الله وعـند الخلق , سواءً كنتَ غاضِبا ً أو لا .
فتأمّـل في عاقبة كلمة تخرج منكَ حالَ الغـضب , إذ أن كلمات الغـضـبان أشبه ماتكون بخـُـطى الأعـمى لادليـلَ مـعـه , فربما كانت إحدى خطواتـه سببا ً في هلاكه ..
وتذكّر بأن ندمك حالَ عـقـلكَ قد لايكفــّـر ماجنيتـَـه حالَ جنونك - غـضـبك - .
وتذكّـر بأنّ الخلق عُـراة , وسِـترهـم بالأخلاق والعـقـل , وأنك حال غـضـبكَ وملاسنـتـكَ كَمَن يتجرّد من لباسه الذي ستر عورته أمام الناس !!..

تأمّـل كل ذلك ..
وتأمّـله بعـمـق ..

ومتى ماأعـطيتَ نفسكَ هذا الوقت للتـفـكير ..
ستجد أن غـضـبكَ قد خـفـّـت وطأتــُـه - إن لم يكن تلاشى كليا ً -
فما الغـضـب إلا ثـورة ثوان ٍ مـعـدودة نحن مَن يمدّد وقـتـها بانـفـعـالاتـنا ..

عـندها أطلق ابتسامَـتــك في وجه مَن حاربكَ لسانه وادعُ له بأن يمنحه الله الحلم كما منحكَ إياه .. وانصرف عـزيز النفس مَصونَ العِـرض محمودا ً عند الله وعـند الناس ..



تحياتي