بقلم إحسان مصطفى



رأيته على مفترق طريق أخذني لبيتهِ ومعي صديق من الموصل، صديقي يكرهه جداً ويكره حتى رائحة الورد في حدائق واشنطن، رغم أنه في الصغر لم يكن يحمل كل تلك الضغينة ولكنه في بيئةٍ لا تسمح لهُ بالتفكير بشكل ايجابي تجاه أي شيء خارج حدود الوطن وإن كان بشكل متفاوت يبدأ بأمريكا بشكل عام ولا ينتهي بكل من يتسرب داخل الحدود من الجهات الست للعراق.

وبالرغم من أنني لم أقابل صديقي ذلك منذ سنوات، ولم أشاهد باراك أوباماً إلا على شاشات التلفاز، ولم أرَها منذ ثلاث سنواتٍ أو يزيد، بعد أن تزوجَت هيَ واكتفيتُ بحلمٍ مزيّف عن بيت صغير وأسرة أصغر بكمية لا تعادل النقود التي في جيبي، غير أنهم اجتمعوا في مكان واحد، صدفة .

كانَ اوباماً يبكي خشوعاً لصوت طفل يقرأ القرآن وكانتْ زوجتهُ تقف على استحياء خلف الباب (بالرغم من انها لا تفعل هذا بالعادة فهي تلعب كرة القدم مع الصغار أمام كاميرات العالم، وزوجها يلعب بالباكستانيين في المناطق القبلية هناك)، وكان صديقي عمار منبهرٌ بالتكنلوجيا في مكتبهِ الرئاسي، وحبيبتي تتوسد ذراعي وتوزع الابتسامات والقبلات على عالمي.

اختارني اوباما لسبب ما في نفسهِ أن اذهب معهُ ، كانَ يمشي أمامي وانا ارتدي معطفي بسرعة واركض خلفه، ذهبنا بحافلة نقل عمومية إلى شوارعٍ مضيئة في عتمة الليل، كان يتفقد رعيتهُ ولكني لا أعرف لماذا ارادني أن أشاركه متعة النظر في وجوههم وهم يختارونني لأفوز بجائزة على الرصيف فيها علب مياه معدنية، تركتُها حيث كنا.

مجموعة من الآسيويين خلف زجاج إحدى المحال كانوا يحلمون أن يقدموا لهُ عرضاً راقصاً، كانوا يمنون النفس أن ياتي ويشاهد الفرح في وجوههم وهم ينعمون بكل شيء ، شارَكَهم الرقص والغناء بلغة لم أفهمها كثيراً.
كنتُ اسمع صوت أخي عبدالله يشتكي من سيارتهِ القديمة ، ربما كان متعباً من العمل ولكنهُ آثر الحديثَ على النوم كعادتهِ، قبل أن أترك زاخو(شمال العراق) وما فيها منذ أربعةِ أشهر وأحدَ عشر يوماً بالتحديد، اجتمعوا كلهم في ليلة واحدة وحلمٍ واحد.

في اليوم التالي جئت إلى عملي متأخراً بعض الشيء، وقبل أن يحذرني رئيس التحرير من انه سيعاقبني في المرات المقبلة، قرأتُ أن "أوباما" ينفي وجود أزمة في العلاقات الامريكية الاسرائيلية "حتى وإن دمروا القدس وما فيها على رأس من فيها" ، ومحافظ الموصل يؤكد أن حكومة رئيس الوزراء لم تعر للمحافظة أي اهتمام لأربع سنوات مضت ، مطالباً إياها بمزيد من الدعم ، وأن الصين تتهم الولايات المتحدة بمحاولة تقليل صادراتها الانتاجية بدفعها لرفع سعر صرف العملة الصينية في الاسواق" بلغة الاقتصاد " ، وأن مدينة كركوك تعاني منذ عشرة أيام من انقطاع في المياه، وان هاتف صديقي عمار لا يمكن الأتصال بهِ في الوقت الحالي.