صَيْحَةٌ
زيَّنتْ نفسَهَا
من رُموشِ العيْن إلى
مِعْصَمَيها
تحَنَّتْ
وماست في خطوها
ثمّ قالتْ: هَيْتَ لَكَ..
خسف الناظرونَ غراما
وقضُّوا أياديهمْ
من سطوة حسن
طاعن في الحُسنِ
وصَارَتْ على أطرافِ أصَابِعِها
نشوةً
سَقَطَتْ بغثةً فِي المَاءِ
ففَاضَ المَاءُ عَلَى المَاءِ ..
وَعَلاَ صَوتُها
صَاخِبًا
قُرْبَ النيلِ
عندَ التقاءِ الماءَيْنِ
هَذا عَذْبٌ فُرَاتٌ
وَذلكَ مِلحٌ مُنفَصِلُ

صَيْحَةٌ
سَاقتْهَا رِجْلايَ
وحْدهُمَا
نَحْوِي
مثلَ كِذْبَةِ أبريلٍ
وَترَكْتُ عُيُونِي
مُعلَّقَتيْنِ
على البابِ
تقْتتلُ

صَيْحَةٌ
أيْنَعَتْ وحدها فِي العُشْبِ الخَلاَءِ
وتحتَ السَّماء
وجاءتني تمْشِي
مُتَضَمِّخَةً بالحَيَاء
كلوحة جوكندا
تختالُ بمشيتها
لاَ رَيْثٌ ولاَ عَجَلُ

صَيْحَةٌ
أجْهَشَتْ
بالبكاء بجانب قط يروح ويغدو
يطاوله الذيلُ
من سَطوَةِ حُبٍّ سَافرٍ
أيْنَعَ
في الرؤيا
أثْخَنَتْ في الغنج دلالاً
فأرْخَتْ سوالفَها للرِّيحِ
وغَابَتْ في حمئة الأشجار
كشمس مذبوحة
دَمُهَا خَضِلُ

صَيْحَةٌ
خَطَفتْ كَوَمِيضِ البرْقِ
أَطَلَّتْ
عَلَى اسْتحْيَاءٍ
مَشَتْ نَحْوِي دمْعَةً في رُمُوشِ العَيْنِ
تناهتْ إليَّ
وقالتْ :
إنَّ مَنِ استأجرتَ إلى القلبِ قدْ يَصِلُ

صَيْحَةٌ
صَفعتْنِي عَلى الخدِّ وانهمرَتْ
مثل حبات زرعٍ
تحت الخريف

وقالتْ:
قِفْ ها هُنَاكَ
وَغَابَتْ
سَمَوْتُ إليها حَالاً عَلى حَالِ
ثُمَّ
جَلسْتُ وحيدًا على شُرْفَةِ النهر
قُربَ النُّجُومِ
أداعبُ نفسي
مهموما أغفُو في الخرير
فلا صَوْتٌ يأتيني
وحيدا مثل حَبَابِ المَاءِ

ولا قلبٌ
يصبو في المشيب
كشمس دافئة
تَحْفَى
تارة
ثمَّ تنتعِلُ...
شعر :الدكتور مصطفى الطوبي