نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


عندما أحببتك سيدتي؛ اقترفتُ – عن حماقةٍ مني- عشر أخطاء:
1- كنتُ أتحدث إليكِ بلغة الحاء والباء، وما انتبهتُ إلى أن لُغتكِ تتكون فقط من سبعة وعشرين حرفاً.
2- لم أحسن اختيار سفرائي إليكِ، فبعثتُ "أم كلثوم" و"عبد الحليم" و"فيروز" و"نجاة"، فتكلموا بما لا تأبهين به، ودعوكِ إلى غير ما تتطلعين إليه، وعرضوا سوى ما تبتغينه.
3- أهديتك باقةً من زهور الروح، وقلادةً مشغولةً من حجرات القلب، وأقراطاً من الموسيقى الكلاسيكية، ولغةً مغلفةً بخيوط من غمغمات النوارس، وكتبتُ فيكِ ألف قصيدة عذراء، طهرتها من رجس الشعر، وأكاذيب الشعراء ... وعندما عرضتِهم في مزادٍ علني على رصيف القطار المسافر إلى مدينتك المنشودة، لم يساووا أكثر من ثمن فنجان قهوتك في مقهى رخيص.
4- اتخذتُ لكِ في الناحية المقمرة من القلبِ وطناً ومسكناً، ورفعت بنيانه فوق سحابات الجوى، وشيدتُ طُوباته من طين الصباح، وطليت جدراته بنداوة القرنفل، ودسست بين أركانه دفء الانتشاء، وأضأت جنباته بمصابيح الأمل، وزينتُ شرفاته بعصفور الجنة وأطواق الياسمين، وشققت في باحته الخلفية بحيرةً من الأماني العذبة ... وما حسبته أصغر من أن يحتوي أحلامك، وأضيق من أن يتسع لطموحاتك، وأقصى من أن يصلك بمريديكِ.
5- رسمتك لوحة مائية بألوان الفراشات، وظللت زواياها بهدأة البحر في مساءٍ صيفي، وصنعت لها إطاراً من ذهبٍ ربيعي... ونسيتُ أنكِ تفضلين اللون الرمادي، والمساحيق الضبابية، والمعاطف الشتوية، قبل أن أكتشف أنني كنتُ أرسم قناعاً لملامح وجهٍ آخر.
6- اصطحبتك في رحلةٍ "استعمارية" إلى غيمةٍ رهيفةٍ على الساحل الفَيْرُوزِي من السماء، دون بطاقة هوية، أو تأشيرة دخول، أو تذكرة سفر مدفوعة، ورشوتُ حراسها بلآلىء من العشقِ الخالص، ففتّحوا الأبواب إلى كل اتجاه ... وعندما أخذتُ يديكِ للمرور عبر بوابة الدخول؛ وجدت جذورك مزروعةً في الحارة السفلية من القرية الطينية على الدرج المنحدر من الأرض.
7- أعدمتُ الليل والنهار، والشمس والقمر، والفصول الأربعة، وجعلتُ اليوم لوناً واحداً استوحيته من ضوء عينيكِ، والعام فصلاً واحداً له رائحة عطرك ونسائم إطلالتك، والوقت وحدة واحدة تديرين دقائقها كيفما شئتِ ... وما كنتُ سوى لحظة عابرة على ميقات تقويمك، وسحابة شاردة على خريطة أجوائك، ووقت ضائع يشغل المساحة المعتمة من أوقات فراغك.
8- طلقتُ نساءَ الدنيا، واعتنقتُ الرهبانية في دير الحب، وبايعتك على مملكتي الصغيرة؛ الملكَ الأوحد والحاكمَ الأوحد والإلهَ الأوحد ... فأهدرتِها على أعتاب ممالكك الممتدة عبر المدن العشوائية والأحراش الموحلة، وأسقطِتها بأسياف فوارسك على أبواب قصورك الحجرية فوق التلال الصفراء.
9- راجعتُ تفصيلَ شرائعي، فجعلتُ الجنةَ في كل ما يقربني إليكِ، والجحيمَ في كل ما يبعدني عنكِ، والإيمانَ في انحناءات الذات على أهداب كبريائك، والكفرَ في كل قصيدة لا تبدأ باسمك ... وما عرفتُ إلا متأخراً أن جناتي إن هي إلا قبرٌ خَرِبَ في فراديس جناتك.
10- دعوتك إلى اعتناق الحب، فجعلتِه صنماً من العجوة تأكليته كل ليلة؛ ما إن تنقضي صلواته.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



إسـلام شمس الدين