ترانيم على إيقاع التوتر
عبد اللطيف السباعي

اِسْألْ لسانَ اللظى يُخْبِرْكَ عمَّا بي
يكادُ يَلْفَحُ حَرُّ الغيْظِ أعْتابي
في البيتِ ‘ثلَّاجةٌ’ طِيبُ المَعاشِ بها
أحْتاجُ ‘ثلَّاجةً’ أخْرى لِأعْصابي
ذَرُّ الرمادِ برُوحِ الجمْرِ يمْلَؤُني
كأنَّنِي في الزوايا مَوْقِدٌ خابِ
والمرْءُ ليس سوى رُوحٍ بلا عُقَدٍ
أو خافِقٍ في بَرَاحِ الضَّيْمِ وثَّابِ
خُلِقْتُ أرْهَفَ إنْسانٍ بعاطفةٍ
عَلِقْتُ منها بِأجْفانٍ وأهْدابٍ
وكمْ أوَدُّ صُراخًا لا يُطاوعُني
وأنْ أُفَجِّرَ دَمْعًا غيْرَ مُنْسابِ
ما لي أُحَمِّلُ نفسي فوقَ طاقتِها؟
ما لي أمُتُّ إلى الشكوى بأسبابِ؟
يا أيُّها الضجَرُ المسْجورُ جَدْوَلُهُ
أضْرَمْتَ نارًا بروحي لا بأثوابي
أُمْسِي فلا أعْتلي إلا سَنامَ ضَنًى
نَسيجُهُ حِيكَ مِنْ مِلْحٍ و مِنْ صابِ
أغدو فلا ألْتقي إلا مَنِ انْعَقدَتْ
في نفسِهِ سُنَنُ الأدْغالِ والغابِ
لا شيْءَ في وَصَفاتِ الحالِ يُعْجِبُني
ولا خَلَاقُ الورى أحْرَى بِإعْجابي
كمْ فاشِلٍ يَعْتريني في مُعاملةٍ
يَصُبُّ لي المَيْنَ أكوابًا بأكوابِ
أُشيحُ عنهُ بوجْهي أو أقولُ له
"أنا الحليمُ فهلْ يُرْضيكَ إغْضابي؟"
"نَهْجي الوُضوحُ فأقْبِلْ منْ مسالكِهِ
فإنْ أبَيْتَ فلا تطْرُقْ على بابي"
مُنافِقٌ هُوَ لمْ تنْفُقْ بضاعَتُهُ
يَلْقاكَ في نَفَقِ الدنيا بِتَرْحابِ
فإنْ تُفارقْهُ يأْكُلْ لحْمَ ظهْرِكَ لا
يَعِفُّ عنْ وَصْمِ أسماءٍ وأنْسابِ
كمْ مَشْهدٍ في مشاويري شَرقْتُ بهِ
في واجهاتِ المرايا غيْرِ خلَّابِ
منْ غادَةٍ يَجْرَعُ الإهمالُ عِفَّتَها
فتسْتنيمُ لِأوْغادٍ وأغْرابِ
تناوَشَتْها ذِئابُ الليلِ - إذْ شَرَدَتْ
عنِ القطيعِ - بأفْواهٍ وأنْيابِ
تجاذَبَتْها سَراديبُ الخطيئةِ لا
تكادُ تُخْطِئُها في كلِّ سِرْدابِ
ومِنْ شريدٍ على الإسْفَلْتِ مُنْبَطِحٍ
أوْ هائِمٍ هُوَ لِلْآفاقِ جَوَّابِ
يَمُدُّ راحتَهُ صوْبَ الفراغِ فهَلْ
مِنْ واهِبٍ لِشُعاعِ الخيْرِ وَهَّابِ؟
يُسَامُ ذُلًا بأسْوارِ المدينَةِ أوْ
يُداسُ فيها كصُرْصارٍ بِقُبْقابِ
أو فِتْيَةٍ عن سبيلِ الرشْدِ قدْ ذَهِلوا
يُعاقرونَ الهوى نَخْبًا بأنخابِ
لمْ يَنْشُدوا توْبةً يَوْمًا ولا ذكَرُوا
كالذاكِرينَ ولا صَلَّوْا بِمِحْرابِ
وفي الفصولِ تلاميذٌ إذا سُئِلوا
عنْ غايةِ الدرْبِ رَدُّوا رَدَّ مُرْتابِ
إنِّي أرى ظُلَلًا تَغْشَى مداركَهُمْ
لا يَنْشُطونَ بِسَلْبٍ أوْ بِإيجابِ
مَكانُهمْ في سُوَيْداءِ القلوبِ فَهَلْ
تُجْدِي المَحَبَّةُ في ترْغيبِ هَيَّابِ؟
يَسْتمْسِكونَ مِنَ المَبْنَى بِأضْعَفِهِ
وَيُمْسِكونَ منَ المعْنى بِأذْنابِ
هذا الحديثُ على الإيجازِ مَحْمَلُهُ
لا يُسْتطابُ بِحَشْوٍ أوْ بِإطْنابِ
قدْ قُدَّ منْ نَغَماتٍ لا يُطاوِلُها
بَوْحُ الوليدِ ولا ألْحانُ زِرْيابِ


مراكش *- المغرب
20/11/201
6