هُنا حيثُ أقفُ شاهِقٌ مُمتَد العُنُقِ حد السماء كُنتِ ،
لكن..
شيءٌ ما تغيَّر ،
لم يَعُد كما كان في السابق .

بينما كانت أصواتُ الأطفالُ في الماضي تُثيرُ ضجةً عارمة ،
أصبح الآن للبنادِقِ حناجرٌ تَصدَحُ ليلَ نهار دونما توقف ،
لا صوتٌ آخر يطغى على صوتِها ،
وإني -يا عزيزتي- لأفتَقِدُ شَغَبِ الصِغارِ كثيراً ،
ضجةُ أطفالٍ من حولي لا تؤذي بِقَدرِ ما آذتني البنادِق .

أتعلمين ،
أولئك الأطفال لطالَما مَقَتُّهُم ،
أشتمهم في سرِّي كُلما عدوا ظهري مرماهم ،
كلما ضربتني الكُرة خاصتهم كنتُ أَشتمهم ،
لكن الكُرة لَم تختَرِقني أبداً ! ! ،
لم تُحاوِل قتلي .

أفتقدُكِ أنتِ أيضاً ..

كُنتُ أَمقَتُ كثيراً أوقاتَ ققزَكِ بالحَبل ،
صدقيني ،
ذلك كانَ أشبَه بطِفلٍ يتأرجح في رحمِ أُمه من ثُم يوجه لها ركلاته ،
لكنكِ أيضاً لم تُحاولي قتلي ! ! .

قَطَفتِ من زَهري مِراراً ،
لكن لا يَهُم ،
ما زِلتِ لا تُحاولين قتلي .

الآن ..

تَرشقني بناتُ البنادِقِ من كُلِّ حَدَبٍ وصوب ،
تُؤلِمُني كثيراً يا وَجعي ،
فتارَةً تخْدُشُ وجنتي ،
و تارةً أُخرى تختَرِقُ جبيني ،
وتارةً تَسقطُ ولا تُصِبني ،
فأتنَفَّسُ الصعداء ،
وتتهاوى طاقتي ،
أودُّ حينها أن أصرُخ : لم أعُد أحتمل ! ! .

بالمُناسَبة ،
بالأَمسِ اخترقت احداهُن زُجاجَ جاري ،
و أودَت بحياةِ جُزءٍ منه ،
و ما أَخافُ إلا على أجزاءٍ بداخلي قد احتموا بي ،
أَفَيَخذلهُم بنائي المتينُ الباسِق ؟ ! .

[تسنيم الفراصي]