كنوز ملكة سبأ


دور اليمن في ولادة الحضارة هو موضوع كتاب جديد و كبير بالإنجليزية ، للكاتب الكندي الشهير لاري فروليك ، بعنوان "عشرة آلاف عقرب / البحث عن ذهب ملكة سبأ "

بعد أبحاثه الموسعة في ثلاث قارات ، في اليمن وإثيوبيا وتركيا ، يصنف الكتاب مدينة مأرب اليمنية ، عاصمة العصر الحديدي الثقافية ، باعتبارها واحدة من عجائب الدنيا الأثرية في العالم يرى المؤلف أن:

■ سبأ اسم ﻵلهة الهنود الأوربيين القدماء ، واستخدمت عربيا بشكل أسطوري لغرض سلالي ملكي لا أكثر !
■ قصة ملكة سبأ فعل متعدي ..
■ ارتباط بلقيس بالماء إلى الأبد فيه رسالة ضمنية قوية



◇ترجمة و تحرير /
محمد نعمان الحكيمي
hakimiwriter@gmail.com


الكتاب
====
جاء الكتاب في 25 بابا و عدد صفحاته 300 صفحة من القطع الكبير .
الناشر : دار مسليلاند و استيوارت
كندا 2002

المؤلف
=====
Larry Frolick
باحث و صحافي كندي حائز على جوائز بارزة..
و يحمل درجات علمية في الأنثروبولوجيا و في القانون الدولي أيضا . عمل محاميا و محررا ثقافيا في أشهر مجلات كندا ، و من مؤلفاته :
- الطلاق و الثقافة في البحث عن الحياة ..و هو كتاب عن التغيير الاجتماعي في المجتمعات الصناعية
- ثقافة الديجيتال ..عن علاقتنا بالالات الحديثة
- معجم الألماس الذي يعادل مليون دولار
- الغراب لا يموت




تحية كبيرة للمبدعة العالمية
================

كتب هذا المؤلف ، و هو صحفي ثقافي كندي ، عدة كتب عن التاريخ الاجتماعي الغربي ، و حاز على جائزة أفضل كاتب صحفي جديد بعد نشر هذا الكتاب ، و حيا في كتابه هذا مدينة مأرب اليمنية على ابتكاراتها الثقافية والتقنية المبكرة ، فقد ساهمت مأرب الأولى في تاريخ العالم بنظامها المعماري الفريد، ومحو الأمية المبكرة، وأساليب الفن.

و البلدة القديمة كانت أيضا معلما تكنولوجيا، بسد حجري يشغل واديا ضخما .

باريس كوخ رعاة ، و لندن ممراغة مواشي
=================

يقول فروليك : سد مأرب كان أعجوبة في الهندسة ؛ سد ضخم من الحجر ، غذى حضارة بأكملها لأكثر من 1500 سنة، حضارة الثقافة العالية، والتعليم، ومحو الأمية ، ذلك عندما كانت باريس مجرد كوخ رعاة ، ولندن ممراغة ماشية ، كان السد متطورا بشكل لا يصدق ، وليس مجرد هرم حجري للموتى ، بل آلة حجرية معقدة للأحياء !

_رفاقه العقارب_
=========

صحفيان من يمن تايمز (محمد الحكيمي و فاروق الكمالي ) ساعدا فروليك في أبحاثه الصحفية في اليمن . وقدما له ملاحظات ميدانية ، و نبذة عن الفلكلور الشعبي و المقولات المتداولة المحيطة ب ( بلقيس ) ، الذي هو الاسم اليمني التقليدي لملكة سبأ .

الذهب ليس هنا يا صديقي
===============

فروليك التقى خلال جولته الدكتور يوسف عبد الله مدير المتحف الوطني في صنعاء . وهو خبير دولي في علم الآثار في جنوب الجزيرة العربية ، أكد أن قصة ملكة سبأ أسطورية ، استخدمت لغرض إثبات صحة وجود سلالة ملكية لا أكثر !
عبد الله نصح فروليك بمواصلة أبحاثه عن سبأ و ملكتها و ذهبها عبر البحر الأحمر في شمال إثيوبيا.

و إلى آكسوم
=======

يصف الكتاب أيضا نتائج تحقيقات المؤلف في العاصمة الإثيوبية الملكية القديمة في أكسوم، التي كانت في الأصل مستعمرة أسسها المستوطنون اليمنيون قبل 600 عام قبل الميلاد في أكسوم، وهي الآن بلدة نائية بالقرب من الحدود المتنازع عليها مع إريتريا.

نفس الحجر
========

ما وجده المؤلف هناك كان عبارة عن حجر مرمري قديم ، ستيلا، و منحوتات مماثلة للتحف السبئية التي في المتحف الوطني صنعاء . كما اكتشف فروليك كذلك أن لغة منحوتات المعبد في أكسوم هي بالخط العربي الجنوبي الشهير ، و هو ما يثبت العلاقة القديمة بينهما فعلا !

الجدلية الثقافية
===========

ويصف العلاقة المعقدة بين إثيوبيا واليمن بأنها "مماثلة لأحصنة طروادة والإغريق، وهي جدلية ثقافية تولدت منها لغات جديدة ، وحضارات ، وتكنولوجيات جديدة "

هجومان على سبأ
=============

هجوم الإثيوبينن الذين كانوا يركبون الفيلة الحربيين في عام
570 أثر بقوة في إضعاف مملكة سبأ. وجاءت الضربة الأخيرة بعدها من غزو فارسي عام 575
ميلادي . تم تدمير سد مأرب تماما .

أصالة الشيخ زايد
============

بعد تدمير السد ، أقيم سد جديد في مكانه في الثمانينات بمساعدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، الذي تنحدر أسرته من سبأ ، مثله في ذلك مثل الكثيرين في اليمن حاليا، الذين ينحدرون من السلالة السبئية ذاتها .

مأرب في التوراة
=============

من إثيوبيا، إلى تركيا و هنا اختتم المؤلف دراسته في مدينة أفسس المدمرة في تركيا. أفسس بدت مثل مأرب ، و قد ذكرت مرارا وتكرارا في الكتاب المقدس باعتبارها واحدة من المدن الكبرى في العالم القديم . أفسس هي أيضا موقع عبادة وثنية مخصصة ل ( أرتميس ) آلهة القمر اليونانية. يرى الكاتب : في عصور ما قبل التاريخ كانت هناك ديانة غامضة سيطرت على الشرق الأوسط بأسره، و هي عبادة وثنية أقدم بكثير من فكرة اليونان عن "آلهة النجم السينمائي" التي أدت "مسلسلات طويلة سماوية" في المرحلة المتأخرة من العصر الكلاسيكي . وقد سيطر على هذه الخرافة الأسطورية إله غريب متعدد الجنسيات يسمى ( ألمقه ) في جنوب شبه الجزيرة العربية ؛ و كان اسمه لدى الإغريق اللاهوت ( سيبيل ) .

يسترسل فروليك : كان هذا الكائن الأعلى هو اتحاد جميع الأضداد ، الذكر و الأنثى، الشمس والقمر ، الزمن والأبدية !

مدينة التكنولوجيا الفائقة
=============

في تركيا، اكتشف فروليك مقابر رخامية منحوت عليها رمز قرص شمسي فوق قمر هلالي ، وهو أيضا رمز أساسي لمعابد مأرب القديمة . ويرجع سبب هذه الثقافة الوثنية الواسعة إلى أن مجتمعات الشرق الأوسط اضطرت للتعامل مع التغيرات المناخية الهامة في عصر ما بعد العصر الجليدي ، حوالي 5000 قبل الميلاد . في البدء ، غمرت المياه العالم بذوبان الجليد، ثم بدأت تجف.
أجبر هذا المناخ المتغير الناس على تطوير مشاريع رائدة في الهندسة المائية ، كما في مصر وبلاد الرافدين و مأرب.
يعود المؤلف ليؤكد : كانت مأرب مدينة التكنولوجيا الفائقة في العصر الحديدي المبكر ، مثل وادي السيليكون، ولكن على أساس التحكم في المياه بدلا من الكهرباء .

سيبيلي
=====

في نهاية الكتاب ، ينطلق فروليك من تنظير لغوي جديد يربط اسم سبأ مع ( سيبيل )، و يفترض أن هذا الاسم كان الاسم الأصلي للآلهة العظيمة المشتركة لكل من قدماء ( الهنود / الأوروبيين ) ، و قدماء الساميين .

يرى فروليك أن سيبيلي ( سبأ ) تحكم في المياه التي تعطي الحياة . و يصل للقول : و هذا هو السبب في أن ملكة سبأ ترتبط إلى الأبد بالماء . " المياه هي الرسالة الأساسية الضمنية وراء قصة سليمان و سبأ في القرآن الكريم، و يضيف : التحكم في المياه يصنع حضارتنا !

مائدة التوراة في الشيباني
=================

فروليك قال انه استمتع بزيارته الى اليمن ، و أن الناس في اليمن مضيافون و كرماء للغاية ، وعلاوة على ذلك، الطعام اليمني لذيذ، وأنا لم آكل أبدا بشكل جيد - العسل البري والخبز الطازج والخروف المشوي و الحلبة و الموز الصغير الشهي .
يعتقد : لعل هذا هو الطعام الذي يسمونه في الكتاب المقدس بالوليمة !

لماذا 10000 عقربا
=============

عشرة آلاف عقرب يأخذ عنوانه من جزيرة سقطرى اليمنية، و هي موطن أم أربعة و أربعين الآكلة للحم ، التي يقال أن لسعتها مميتة أكثر من لسعات عشرة آلاف عقرب
.
بل إن عنوان الكتاب هذا مستوحى من الخيال الرومانسي للشعراء مثل محمد نعمان الحكيمي ، الذي تم تضمين هذا الكتاب نصوصا من شعره الحائز على جوائز شعرية .

هكذا أخذه فضوله الى حيث لا رجعة
===========

ابتدأت قصة بحثه
في بداية ربيع 1996 حين كان طاقم بحث تابع لشركة تنقيب عن المعادن ( كندية ) يقوم بجولاته اليومية مستطلعا مناطق تسكنها قبائل تتبع محافظة الجوف في شمال اليمن. ذات يوم تعثر الفريق الذي كان يعمل بترخيص من الحكومة بحفر غريبة في تلك المنطقة .
بإلقاء نظرة ، كانت الحفر تقود الى مناجم قديمة لم يجرؤ أحد من الطاقم أن يزحف إلى الداخل نظرا لوجود ثعابين كثيرة و عقارب سامة.اكتفى الطاقم بالتحري من الأعلى ، ثم فجأة وجد أحدهم حجرة مرمر نقش عليها بعض الحروف القديمة المثيرة لفضول الطاقم . كان بعضهم قد رأى مثلها في المتحف الوطني في صنعاء .
تعرفوا على الخط و استطاعوا معرفة انه يعود الى ملكة سبأ ثم أيقنوا تماما بعد ان رأوا أدوات مبعثرة هنا و هناك ان أولئك الذين كانوا في تلك المنطقة كانوا يقومون بنفس العمل الذي هم يقومون به الآن ( البحث عن الذهب ) !

السبيكة مع القوافل
=============

انتشرت صورة قطعة المرمر تلك عبر الصحف العالمية و كانت هذه الصورة هي من دفعت شركة عامة بريطانية كولومبية ( كانتيكس ) الى ارسال متخصص في علم جيولوجيا الأرض مع زوجته المتخصصة في علم الآثار . توصلا إلى ان هذا المنجم يعود للعصر الذهبي و ان الذين عملوا فيه يحتمل انهم كانوا عبيدا و أسرى حروب ، و أن سبيكة الذهب التي وجدوها ربما تم تصديرها عن طريق القوافل القديمة التي تبعد بعض الأميال القليلة عن المكان ذاته .
أكثر من هذا ، لم يضيفوا أو يقولوا شيئا !

حتى التفكير ممنوع !
==============

لم يجرؤ الرجل و لا زوجته ان يدخلوا الى المنجم و لم يكن لديهم إذن بالتنقيب و الحفر .
لم يفعل أحد شيئا غير محاولة الاستغراق في التفكير ، فاليمن لم تكن بتلك الدولة التي تمكن باحثا فضوليا معتوها من ان يتأمل من مكان آمن داخل ناقلة سياح مكيفة . لم تكن هناك حافلات سياح أصلا .

أخي المتحمس ينسحب
===============

اقترح علي أخي ان نذهب بأنفسنا لليمن . و نرى ذهب ملكة سبأ . ثم ما ان انا تحمست للفكرة بعدها اذا بأخي يعتذر ، معللا اعتذاره بضغط العمل الثقيل الذي في يديه . كنت وحيدا بعدها في هذا المشروع ، لو أنا فعلا أريد ان اتابع تنفيذ الفكرة .

بعد الصيام سأرى
============

قمت ببعض القراءات للتعرف على اليمن و أسطورة سبأ . قرأت في التوراة و القرآن و في إصدارات كثيرة عن الموضوع .
اليمن طقسها حار في الصيف . و بدا أنها مكان خطير على امتداد العام . اختطافات سياسية و تفجيرات هنا و هناك تقريبا كل يوم . كان أنسب وقت للسفر إليها هو بعد رمضان ( شهر صوم المسلمين ) الذي كان يأتي في ديسمبر غالبا .

لكأنما المجرم هو ذات السابق
================

كنت أطالع صحيفة يمن تايمز الناطقة بالإنجليزية على الانترنت . الاختطافات و التفجيرات مستمرة و كانوا يقبضون على المتسببين في الجرائم تلك ، الذين بدا لي أنهم نفس الأشخاص الذين قاموا بالجرائم التي قبلها ، بالضبط .

فضول أحمق في موطن قبائل
================

هنا حيث أودى بي فضولي الأخرق واللعين الى مكان لا عودة منه..بدأت أفكر بالحجر المرمري الذي وجده الفريق الكندي في صحراء الجوف ، ثم أفكر ببلاد كتلك ، ( قبائل ) !!

الحجر يختفي
=========

تم تسليم الحجر للمتحف من قبل الباحثين ، ثم إذا بهم يعلنوا أنه فقد ، و لا أثر له في المتحف !
لم تظل سوى صورته في المتحف ، و ترجمة ركيكة و ملخبطة ( بعد كل ثلاث كلمات علامة استفهام ؟؟؟؟ و تجويفات [ ] ، [ ] ، [ ]

و حتى الإله مقطوع
=========

كانت تلك رحلتي وهذا هو الذي توصلت إليه ( صورة لحجر مرمر ، نقش عليه هراء غير مقروء ، تم إهداؤه إلى إله ما ، و حتى اسم الإله مقطوع !!

الديناصور
============

من الجو ، اليمن تشبه ديناصورا متبلدا تعقص في حضن رملي حار منذ ملايين القرون .
حنك هذا الديناصور مفتوح بشكل واسع باتجاه الربع الخالي ( الصحراء الكبرى ) المتثائبة باتجاه اليحر ، بقدمها ذي المخالب الذي تم دسه بقوة قبالة البحر الأحمر الأفقي في الجنوب .

عالم ذكوري وموائد سماوية
=============

اليمن عالم ذكوري مخصص للذكور و لا ريب .النساء لهن عالمهن المنعزل الخاص بهن فقط. .
كل الرجال في اليمن يأكلون و يضحكون في البوفيات من حولنا.
الطعام هنا طبيعي و متميز. واضح أني لن آكل مثله ثانية بعد سفري . عدت حيا بسبب هذا الطعام ، فلطالما بدني تخلل في المواد الحافظة الكيميائية.
لم أصل إلى اكتفاء من تناول العسل اليمني .

صالح في كل مكان
============

كنا نطالع خريطة عن الموقع الذي سنتوجه لزيارته ، تحت عيون الرئيس صالح ( صورته أعلى الحائط ) المتابعة بدقة و عناية تحركات إصبع صديقي على الورق .

البلد الذي لم يكتشف بعد
=================

كثيرا ما ظللت أفكر باليمن كمكان روحي و أفكر بالحياة التي يعيشها هذا الوطن . كثير من الذي في اليمن لم يكن ظاهرا حتى أجده ، سواء في الأرض القديمة ، أو في السماء السوداء التي من فوقي .

الخيمة المتنقلة
============

أشفق كثيرا فروليك على بنوتات يمنيات صغيرات في الثامنة من العمر يدحرجن اسطوانات
بلاستيكية لجلب الماء ، حين غدا من الصعب عليه أن يتخيلهن سجينات
لدى إمبراطور !
و تعجب للشرشف الذي تلبسه اليمنيات ، شبهه بـ"درع لشارع.. أوخيمة متنقلة ، و ليس ملابس !

رغبة جنسية محمومة
===============

يتساءل الكاتب : هل عيون اليمنيات اللواتي في اللثمة أرقتني الليلة !؟ أم إنه القات الذي يمضغونه و الذي لا يجعل من ماضغه شريرا . صباح اليوم التالي يجيب عن تساؤله وراء اضطرابه البارحة شخص يمني اسمه محسن :
إنه القات يا صديقي، يخلق شعورا بالحرمان العاطفي و الرغبة الجنسية المتهيجة المحمومة للممارسة و لفترة طويلة ؟!".

شعب لا يلعب
=========

لاحظ فروليك أن اليمنيين لا يلعبون حتى ( بطه ) ، فهم يقضون وقتا طويلا داخل البيوت ..إما ليمضغوا القات أو ليكونوا هم الممضوغين !

الصمت الحجري
==========

يقول : ترى كثيرا من اليمنيين بعد انتهاء فترة القات يحملقون بصمت حجري و اهتمام بالغ و بأوجه مكفهرة في أشياء ما ..أشياء لا يراها إلا هم ..

عجائب و لكن بلا كهرباء
================

نحن مركز الآلة ، أما الناس هنا فهم ليسوا مثلنا . مدينتهم ( العاصمة ) بلا كهرباء .. النساء هنا لا شك ذكوريات ..العمال في المطعم ينبحون على بعضهم مثل كلاب ضلت طريقها في الغابة . هناك من كان يتعرق مثل خنزير رغم النسمات الباردة . و هناك من ظل قميصه طيلة اليوم مغلق بالأزرار حد أعلى العنق .

فرصة للمهووسين بالحريم
=================

مضغت القات ..لم اتحول الى شرير .. مضغت قلوب الأغصان و بكميات ليست قليلة .
كان المكان مناسبا لأي مهووس بالحريم و الأحاديث الليلية الطويلة .

حين يفكر اليمني
============

استغربت لحال اليمنيين و هم يفكرون .إنهم حين يفكرون يعملون أجسامهم كاملة للوصول إلى نهاية !

خدي الأيسر يتكيف و يدمن
=================

خدود اليمنيين من يسار الوجه غالبا منتفخة و ابتساماتهم خضراء ..إنه القات ..انسجمت مع القات أحيانا كثيرة ، كيفت ..و شيئا فشيئا تلاشى رعبي من القات ، و إذا بي أتحول إلى هاو .

الأشياء تفك الارتباط و تتطاير
===============

كم مرة شعرت بعد مضغ القات بأن كل ما حولي تدهور ، كم شعرت أن الأشياء تنفصل عن بعضها تتطاير بدون مسميات ، و كم أحسست ليلا برغبة جنسية محمومة إلى امرأة ، رغم أن غيابي عن كندا لم يبلغ الأسبوع بعد .
أثناء القات كنت دوما سعيدا ، و كنت أطن مثل نحلة عسل ..كنت آخر !

لا إناث في اليمن
===========

كان من الصعب علي أن أغض البصر عندما شاهدت نساء إثيوبيات جميلات بوجوه مشرقة في صنعاء . كانت تلك النسوة هن الوحيدات الإناث اللواتي رأيتهن في اليمن !

إيمان الآلة بالله
===========

في بلد فيه مؤمنون كاليمن ، يبدو من الصعب ألا تؤمن بالله . كلما اتجهت نحو الغرب يغدو من المستحيل ألا تؤمن بالآلة ، تلك التي لا تؤمن إلا بنفسها .

باب الشتاء
==========

من صنعاء اتجه جنوبا نحو تعز لمقابلة الشاعر محمد نعمان الحكيمي و الحديث إليه عن الفلكلور الشعبي و الأدب المحلي بعد أن قرأ له موادا صحفية نشرت في يمن تايمز .
استمع إلى نصوص كتبها الحكيمي بالإنجليزية فاعترف بما للشعر العربي من تأثير على الغربيين لدرجة لا يمكن تجاهلها - حد وصفه - و استوقفته الموسيقى المتأصلة في شعره و أثرها ، و بلاغة التركيب الإنشائي و البعد المتخفي وراء اعتيادية الشاعر ، ذلك البعد الذي يعتقد فروليك أن الحداثيين بذلوا جهدا كبيرا لتناسيه . ثم أكد فروليك أن الشعر العربي هو الوحيد الذي استطاع أن يحرز أعلى المراتب.
و أردف : المثقفون العرب لا يزالون يؤمنون بالقيم العربية ، و يؤمنون بالله . معتبرا الإيمان ينبوع الحب . " نحن في الغرب لنا إيمان بالآلة لكن ليس بالحب الذي كنا عليه ، كان ذلك عندما برهنت الآلة قوتها في الحرب العالمية الاولى 1914. نحن الذين كان لهم تجربة كاملة بضراوة تلك الآلة في جحيم الحرب العالمية الأولى و الثانية ، التي ملأت النفوس بالرعب و الهلع .

يصف الشاعر : كان الحكيمي طويلا بالنسبة إلى يمني ، و له عينان حالمتان كثيرتا الرؤى تتلألآن خلف نظارة شمسية كهرمانية ..انقض الحكيمي على مقعده باسترخاء الطاووس .
سأل فروليك الشاعر عن الأدباء الأجانب الذين يعرفهم . يقول فروليك : أجاب الحكيمي عن أسئلتي دون تلكؤ ، و تحدث عن إعجابه بتشارلز ديكينز و جورج أورويل باعتبارهم أقلام سطرت الكثير عن قضايا الناس بوجدان اجتماعي !.

ثم طلب إلى الشاعر ان يسمعه بعضا من نصوصه بالانجليزية ، يقول : و اذا بي أهيم على الفور لسماع نصوصه ، فللحقيقة ، زحزحني إلقاؤه من مكاني ، و سرت في جسمي رعشة ، و ظل مستخدماً صوته كما لو كان "راكمانينوف" أو "سايي" في استخدامهما للبيانو .
وبعد كل سطرين يستبدل الانسجام المتدفق المطور بتماهٍ متزن وغير متوقع..كما يغريك كلامه المطيل للادغامات الخفية في الكلمات الانجليزية.

و أضاف : شعر الحكيمي كالشعر العربي ، يثير الإحساس السمعي على الخيال البصري..واضعاً مفرقاً للطريق الذي سلكناه مع "وورد سوورث" و "كيتس" في قصيدته (الحكيمي) بالانجليزية "الشتاء ووخز الضمير " !
عدت أسأل الشاعر عن دواعي الشعر و الحاجة إليه في هذا العصر .. فكانت إجابته مثار إعجاب ، و لو كنت سألت وورد اسوورث نفسه ذلك السؤال لما أجاب بأفضل مما قاله الحكيمي ، الذي أجاب : لو لم تكن لنا من حاجة للشعر سوى خدمة الشعر نفسه ، فلتكن !!

و يعلل فروليك اختيار الحكيمي للعنوان ( الشتاء و وخز الضمير ) : أراد أن يجسد وضعه العربي المر ، المتمثل بالتداعيات المحبطة و المستطيرة التي تحيط به كعربي !

الكتاب حفل باقتباس لشعر الحكيمي و دراسة عنه ، و عنون الكاتب الفصل السابع من الكتاب بعنوان قصيدة بالانجليزية للحكيمي عنوانها (الشتاء و وخز الضمير ).
كما يعرض هذا الكتاب لملامح عن الخيال الشعري العربي من خلال الشاعر محمد نعمان الحكيمي.

في تعز
======

يتماهى فروليك : تعز هي مركز النشاط الثقافي في اليمن ، و هي محضن للأدباء و الكتاب ، و ما ليس لها من تبعية إلا لله و شعرائه !

ليسوا معقدين و لا غامضين كأصحاب الشمال
=================

وصلنا تعز وقت الغداء .. كانت تعز تكتظ بالناس . كان الناس هناك متغيري الخصائص ، وأشكالهم غير متجانسة مع الذين صادفتهم في شمال اليمن . كانوا على عكس التعقيدات الغامضة لليمنيين في شمال اليمن.

ينامون كعلامات استفهام
================

التقيت في تعز الأديب و المؤرخ اليمني محمد المجاهد ، و أثرنا جدلا حول الهدهد و قصته مع سليمان و ملكة سبأ . كان نقاشنا في مكتب مظلم هو فرع في تعز لصحيفة يمن تايمز . في السلالم المظلمة التي نزلنا منها بعد لقاء المجاهد كان هناك بشر نائمون في السلالم ، و كان وضعيات نومهم كعلامات استفهام !

قتلى على امتداد الطريق
================

كانت الطريق التي عدنا منها الى صنعاء أطول مسافة و أشق وعورة . اتجهنا غربا نحو الساحل الغربي و الحديدة ثم صعدنا مناخة باتجاه صنعاء..ظللت أحصي عشرات الكلاب الميتة على جانبي الطريق ، قتل اكثرها بالسيارات ليلا حد صديقي محسن.

البلد الأكثر غموضا
=============

التاريخ الثقافي لليمن ذو أهمية عالمية. . إنها البلد الذي عاش فيه الشاعر الفرنسي العظيم رامبو. .و اليمن هي أكثر دولة غامضة من بين بلدان الوطن العربي بالنسبة للغربيين

يمن القرن 25
=========

يقول فروليك : يبدو لي أن اليمن ربما لم يرد لها أن تكون لهذا القرن أو الذي قبله ، لكن ربما للقرن الخامس والعشرين ، حين يكون الإنسان قد استطاع فعلاً أن يتغلب على الآلة !

كاحل إثيوبيا و الذباب
===============

في رحلتي إلى أثيوبيا لم أجد أيضا الملكة و لا ذهبها . وجدت في الجنوب فتيات بخصور رشيقة وأعقاب أقدام نحيلة ، يمكنك أن تعض نهشا على كاحل إحداهن مثل عود ثقاب !
في إثيوبيا ظللت أدفع عني الذباب حين آكل . بعد أن دخلت ذبابة ذات ليلة من فمي و استقرت في بطني و أنا في مقهى.

لغتان و جوع !
=========

هنا كل إثيوبي تقريبا لديه اكثر من لغة ، و البلد يعاني الجوع .

ثنائية التركيات
==========

في تركيا المجتمع كله تقريبا غني . و النساء ثنائيات التفرع : إما عاديات بإفراط أو شهوانيات بإفراط !

في ثلاث قارات لمجابهة لغز
================

رحلة بحث أخذته عبر ثلاث دول ( في 3 قارات ) و اذا به في آخر المطاف يصطدم بلغز الحضارة نفسها . الرحلة المعوقة هذه انتهت في 1999

كذبة بيضاء
=========

كل الأساطير القديمة في الأخير لم تلتق . كانت قصة ملكة سبأ فراغا عظيما فاغرا فاه !
تلك هي القصة كذبة بيضاء ، هراء ، اعتقاد أحمق !
لم يجد في رحلته تلك أجوبة ، بل أسئلة أكثر !!

الخلفية السريالية
=============

قابل في رحلته طائفة من المجانين ، و الحالمين المفلسين ، و السياح ، و مختصا اجتماعيا يابانيا متخصصا في معالجة التلاميذ الذين يطعنون معلميهم .
كل هؤلاء كانت لهم قصصا معه مشرقة و حية ، كونت عنده ستارة خلفية سريالية عن الملكة الأسطورية !

نهم الفعل المتعدي
=============

يصل الباحث إلى قناعة أن : " الملكة الأسطورية ، مثلها مثل الفعل المتعدي ، لا تشبع ، و لا تقاوم " !

الغموض العجوز متعدد الأسماء
===============

عمر قصة بلقيس 3000 سنة ، و هي في إثيوبيا تعرف توقيرا باسم ( ماكيدا ) و في تركيا ب ( سلطانة سبأ ) ، و في اليمن ( بلقيس ) .

أنا سيد الأخطاء
===========

في بداية هذا الكتاب نجد اعتذارا من الكاتب للقاريء إن وجدت أخطاء في رسم حروف بعض الأعلام المكانية و الإنسانية ، كون اللغة العربية ليس لها حروف متحركة ( كما يعتقد) ، و يستسمح القراء : الأخطاء إن وجدت فهي من إبداعي وحدي !

اعترافات بالجميل
============

تم أهداء هذا الكتاب الى آدم ، و في آخر صفحاته سطر المؤلف امتنانا كبيرا لكل من :
الدكتور يوسف عبدالله مدير المتحف الوطني في صنعاء الذي هو أول من لمح لسر ملكة سبأ )
ثم للشاعر محمد الحكيمي من تعز ، و لصحيفة يمن تايمز . و الى آخرين في صنعاء و لندن و كندا و اثيوبيا و تركيا !


=============
*عناوين فرعية*
=============
● يصنف الكتاب مأرب ، عاصمة العصر الحديدي الثقافية ، باعتبارها واحدة من عجائب الدنيا الأثرية في العالم

● عمر قصة بلقيس 3000 سنة ، و هي في إثيوبيا تعرف توقيرا باسم ( ماكيدا ) و في تركيا بسلطانة سبأ ، و في اليمن بلقيس

● سد مأرب كان أعجوبة من الهندسة : سد ضخم من الحجر الذي غذى حضارة بأكملها لأكثر من 1500 سنة، حضارة الثقافة العالية، والتعلم، ومحو الأمية

●كان هذا حال مأرب عندما كانت باريس مجرد كوخ راعاة ولندن ممراغة ماشية ، كان السد متطورا بشكل لا يصدق، وليس مجرد هرم حجري للموتى، بل آلة حجرية معقدة للأحياء

● يرى أن قصة ملكة سبأ أسطورية ، استخدمت لغرض إثبات صحة وجود سلالة ملكية

● يصف العلاقة المعقدة بين إثيوبيا واليمن بأنها "مماثلة لأحصنة طروادة والإغريق، وهي جدلية ثقافية تولدت منها لغات جديدة، وحضارات جديدة، وتكنولوجيات جديدة

● أقيم سد جديد في مكانه في الثمانينات بمساعدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، الذي تنحدر أسرته من سبأ ، مثله في ذلك مثل الكثيرين في اليمن حاليا، الذين ينحدرون من السلالة السبئة

● أفسس التركية بدت مثل مأرب، ذكرت مرارا وتكرارا في الكتاب المقدس باعتبارها واحدة من المدن الكبرى في العالم القديم. أفسس هو أيضا موقع عبادة وثنية مخصصة ل أرتميس، آلهة القمر اليونانية

● في تركيا، اكتشف فروليك مقابر رخامية منحوت عليها رمز قرص شمسي فوق قمر هلالي، وهو أيضا رمز أساسي لمعابد مأرب القديمة

● في نهاية الكتاب، ينطلق فروليك، ، من تنظير لغوي جديد يربط اسم سبأ مع سيبيل، و تفترض أن هذا الاسم كان الاسم الأصلي للآلهة العظيمة المشتركة لكل من قدماء ( الهنود -الأوروبيين ) ، و قدماء الساميين

● يرى فروليك : سيبيلي-سبأ تحكم في المياه التي تعطي الحياة . و يؤكد : وهذا هو السبب في أن ملكة سبأ ترتبط إلى الأبد بالماء. "المياه هي الرسالة الأساسية الضمنية وراء قصة سليمان و سبأ في القرآن الكريم، و يضيف : التحكم في المياه يصنع حضارتنا

● الكتاب يأخذ عنوانه من جزيرة سقطرى اليمنية، و هي موطن أم أربعة و أربعين الآكلة للحم ، التي يقال أن لدغتها مميتة أكثر من لدغات عشرة آلاف عقرب

● هنا حيث أودى بي فضولي الأخرق واللعين الى مكان لا عودة منه

● تم تسليم الحجر المرمري للمتحف . ثم إذا بمن في المتحف قد أعلنوا أنه فقد و لا أثر له .لم تظل سوى صورته في المتحف و ترجمة ركيكة و ملخبطة
لصورة لحجر مرمر عليه تم نقش هراء غير مقروء ، تم إهداؤه إلى إله ، حتى اسم الإله مقطوع !!

● كثير من الذي في اليمن لم يكن ظاهرا حتى أجده ، لا في الأرض القديمة و لا في السماء السوداء الفلكية التي فوقي

● قصة ملكة بلقيس الأسطورية ، مثلها مثل الفعل المتعدي ، لا تشبع و لا تقاوم !

● اصطدمت في الأخير بغموض الحضارة نفسها ، و لم تكن ما توصلت إليه أجوبة ، بل أسئلة أكثر عن هذا اللغز الأسطوري !