وهب الله يحيى لزكريا
اصطفاه نبيًّا وسماه،
ذو خُلُقٍ، ومقامٍ، وتقي،
ألبسه الحكمة تاجًا، والعِلم زادًا في صباه،
عابدٌ زاهدٌ للهِ، عفيفُ النفسِ، نقيّ.
أنزل الله في كتابه:
﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا﴾
(مريم: 12-14)
خصَّه اللهُ بالحكمةِ في الصِّغَر،
قاضياً بينَ الناسِ، ذو شأنٍ وقَدر،
دعياً لهم إلى اتباع دين الله بلا عذر،
ومصدّقاً بكلمةِ اللهِ، وللشهواتِ هجر.
أنزل الله في كتابه:
﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾
(آل عمران: 39)
وجاءت لمَريمَ البُشرى من الحقِّ، كما لزكريّا سَبقْ.
جاءتْ لمَريمَ البُشرى،
وجبريلُ أتاها بأمرٍ يُتلى،
كلمةٌ من اللهِ غلامٌ، نبيٌّ مقامُه في العُلى.
وَجِلَتْ، فسألتْ ربَّها، والنَّفسُ نَجوى،
فكانَ الأمرُ مقضيًّا، والإعجازُ ذِكرى،
جوابُ الرحمنِ لها، ولِمَن سألَ مَريَمَ العَذرى.
أنزل الله في كتابه:
> ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُۥ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا﴾
(مريم: 17-21)
نفخةٌ من مَلاكٍ بأمرِ الرب، فحملٌ، وولادةٌ، معجزةُ المسيحِ بنِ مريم.
حملتْ مريمُ، بكلمةٍ من اللهِ نعمة،
فانعزلتْ بعيدًا، خشيةَ الناسِ والتُّهمة.
فأتاها المخاضُ سريعًا، فتمنّتِ المنيّة،
حياءً وخوفًا من قومٍ، سؤالُهم خطيّة.
ترى فيهم ظلَّ الاتهامِ، في قلبها آلامٌ،
ونداء البراءة في صمتِها، يعلو بلا دنية،
فطمأنها المَلَكُ، وكانت لأمر ربِّها رَضيّة،
شربتْ ماءً، وأكلتْ ثمرًا عطية،
فكانَ المسيحُ بين يديها، خيرَ خلقٍ وذرية.
أنزل الله في كتابه:
> ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا﴾
(مريم: 22-26)
يفعل الله ما يشاء، ويخلق الله ما يشاء.
وُلِد المسيحُ بلا أبٍ،
نفخةُ ملاكٍ بأمرِ الربِّ،
قال كن فكان عيسى،
وَلِمريمَ وهب.
ويحيى أتى من عقرِ أنثى،
ومن زوجٍ هرمٍ أشيب.
معجزتان، لنبي ورسول،
نبي خصَّه اللهُ بالاسمِ،
ورسول برسالة عظمى،
من أولي العزم.
صمت بريئة، ونطق رضيعٌ يمحو ظلَّ الخطيئة، يرسم براءتها بنور الحقيقة.
حملتْ مريمُ وليدَها إلى قومِها،
فدهشوا، وبالقدحِ تطاولوا على شرفِها.
فسألوا، فأجابتْ بإشارتِها،
لطفلٍ في المهدِ، نطقَ لتبرئتِها.
فقالَ المسيحُ، والقرآنُ شاهدٌ على طهارتِها:
أنزل الله في كتابه:
> ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾
[سورة مريم: 27-33]
آيات السلام، بقاء وجزاء.
رسول ونبي بمعجزتين،
تشابها في الولادة، والسلام جاء بآيتين،
عيسى طلب السلام من ربه دعاء،
ويحيى بفضل الله نال السلام سخاء.
أنزل الله في كتابه:
﴿سَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾
سورة مريم (15)
سلامٌ لولادتهما،
وسلامٌ لموتهما،
وسلامٌ لبعثهما.
بني إسرائيل مهد دعوتهما،
من تربّصوا بالأنبياء قبلهما.
فهل يُطفئ القوم نور السماء؟
يتبع...