أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: بين الضوء والظل

  1. #1
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 125
    المواضيع : 60
    الردود : 125
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي بين الضوء والظل

    سجيننا مستلقٍ في زنزانةٍ ضيّقة، على أطراف المدينة، ملاءتها خشنة مثقوبة كجسده، تفوح منها رائحة العرق والرطوبة. جيوش البق تغزو كل شبر منه؛ كل لمسةٍ لسعة، وكل نومٍ كابوسٌ وألم.
    يصحو من شدة تهيّج جلده، ينام قليلًا، ثم يستيقظ مرة أخرى لهرش بشرته الرقيقة المنزفة من كثرة العض، ووجعٌ نفذ إلى العظم بفعل صلابة الأرض الباردة كالصقيع. يسمع أنفاسه تتردد في صمت الغرفة، كأنها الدليل الوحيد على أنه ما زال حيًا.
    ثم يتسلّل أول ضوء للشمس من بين قضبان النافذة، يرسم على جسده الهزيل ظلالًا يتحسّسها بيده. يلاعب أشعة الضوء، يحتضنها بقوة مستلقٍ على وضعية الجنين، محاولًا امتصاصها جميعًا، لكنها تتلاشى كما تلاشى الظلام الليلي. يقف، يمسك خيوط الضوء، ويتتبع مسارها إلى النافذة، ليكتشف أن القضبان تمنعه من الوصول إليها.
    يقطع الضوء الظلام كسيف بتار، يملأ نصف الزنزانة، تاركًا النصف الآخر غارقًا في ظلال مبعثرة. الأشعة تلامس الجدران الحجرية الباردة، فتكشف تشققاتها ولونها القاتم، وتضفي على البخار المتصاعد من الملاءة المثقوبة ثقلًا آخر خانق على صدره الضامر. صدى أنفاسه يتردد بنغمات بطيئة، رغم شجنها، ليخلق سكونًا يخفف التوتر. الهواء نفسه يبدو مختلفًا، يحمل دفءً خفيفًا يخفف من قسوة المكان، فيما النصف المظلم يذكّره بالقيود المستمرة.
    يمر الوقت ببطء، والضوء يغلف الغرفة تدريجيًا، يسقط على الجدران واحدًا تلو الآخر، ليكشف صورًا ملصقة على إحدى الجدران، كأنها متحف للذكريات. هبات النسيم المتدفقة عبر القضبان تداعب الصور، وصوتها يشبه سيمفونية كلاسيكية تخترق صمت الغرفة وعقله. يتجمد في مكانه، وتغمر دموعه عيناه وهو يتأمل كل صورة.
    غارق بلا وعي في ذكريات ماضٍ بعيد، مدّ أصابعه المرتعشة لتلمس صورة تذكارية، كأنها بوابة تعيده إلى لحظات مبتلعة. حاول الانغماس فيها، السفر عبر عوالمها الغارقة في الزمن، ليستعيد دفء خيالها، لكنه اصطدم بصلابة الجدار، حاجز يمنع أي التقاء.
    أغمض عينيه بقوة، محاولًا نسيان تلك الذكريات، وتمنى حلول الليل ليغمر الغرفة بالظلام، وتختفي الصور بماضيها، ويبقى فقط سنا القمر المنسدل عبر نافذتها، وهج يشجعه على النوم والسلوان.
    لكن لا ليل أراحه، ولا نهار طمأنه.
    ---
    ليل
    مظلم، بارد
    نوم بألم
    نهار
    مضيء، دافئ
    أمل بدموع

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 22,873
    المواضيع : 386
    الردود : 22873
    المعدل اليومي : 4.75

    افتراضي

    يستلقي سجيننا هذا في ونزانة ضيقة ليعاني من صلابة الأرض الباردة كالصقيع
    ومن ملاءة مثقوبة كريهة الرائحة ممتلئة بالبق الذي يحول نومه إلى ألم وكابوس
    فإذا بأول شعاع ضوء من الشمس يتسلل من بين قضبان النافذة فيفرح ويحتضنه
    ويحاول امتصاصه ـ
    تتسرب أشعة الشمس لتلقي بظلال على الجدران فتكشف تشققاتها
    ولونها القاتم ، بينما يبقى النصف الآخر المظلم يذكره بالقيود المستمرة.
    وبتسلل الضوء الساقط على الجدران يكتشف صورا ملصقة وكانها متحف ذكريات
    يغلق عينيه لينسى تلك الذكريات التي آلمته ، ويتمنى أن يأتي الليل ليغمر الغرفة
    الظلام وتختفي الصور بماضيها
    بين النور والظلام ـ بين الضوء والظل لم يجد الراحة لا ليلا ولا نهارا.

    تعاطفنا مع ذلك السجين رغم إننا لم نعرف قصته
    إلا إنك
    أجدت رسم لوحة مؤثرة بريشة بارعة
    ولعبت بتحريكه بين الضوء والظل لنتعرف على معاناته وألمه
    بقلم متمكن يشيرلقدرتك وموهبتك القصصية.
    تحية لك ولقلمك وأهلا بك في واحتك
    وقد طال الغياب.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    واسمح لى بنقلها إلى قسم القصة

  3. #3
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 125
    المواضيع : 60
    الردود : 125
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    أستاذتي الفاضلة نادية محمد الجابي،
    غيابي لم يكن اختيارًا، فالكتابة جزء لا يتجزأ من حياتي، وحروفها كأنفاسي. كلماتك الرقيقة أشرقت في قلبي كنسيم عليل، ودفء ونقاء روحك يلامس كل حرف في ردودك.
    حقًا، تقديرك ودعمك مصدر إلهام لا يُقدّر بثمن، وأجد نفسي ممتنًا لكل حرف كتبته وشاركته معي من قلبك النقي.
    اشتقتُ إلى واحتكم، إلى شعرائها وأدبائها، ولهم أبعث أزكى تحية وأبهى سلام.
    مع أصدق التحيات