دمعة واعتذار
تمددت على سرير الصبر , وفيَّ نيرانُ الشوقِ تستعرُ , وعليَّ جبالُ الهمومِ تستقرُ , والفكر غابَ عنه الرشدُ منذُ تاه الفجرُ, النجوم في نواح وعويل , وغارقة في بحر متلاطمٍ بالأنين , والغمائم تعلو منها الزفرات , وتتمرغ في الآهات , ويرصعه برقٌ خاطف , نهضت مسرعاً والكوابيس متعلقة بأرداني , وتجرجر أطراف أحلامي ... صوت يزمجر ناداني , لو سمعه الصخر لقال آذاني , ولتلاشت أزاهير الأكواني , قائلاً :
تعساً لعينيكَ , وتباً لقلبكَ , وبئساً لكَ , أدمعت أميرة الأرض وجوهرة السماء , جرحت قلباً بريئاً منه يقطر الجمالُ , ومنه ينبعُ الطيبُ والحنانُ , قلباً فيه مولد الطفولة والبهاء , فاليوم لا مفر فدنا وعلى قلبي جثا فتخشب وجهي وعيناي تسمرتا , ولساني شُل , ولم يرَ قربي أحدا فاخرج حرف الراء من اسمي ووجهني نحو الــنور وقال قربانا إليك , وفداءً لسحرِ عينيك , حزَّ قلبي فسالت حروف اعتذار ودموع ندم فكانت :
رسالة دمع واعتذار
أدمعت روحي وفي رأسي دبَّ الألم , غمزتني بيارق الحزن , وتلقفتني عواصفُ الغمّ , وتنهشني أظافرُ السقم والسأم , تاهت أحرفي في مراكب الوهم , وغرقت كلّ أوراقي في بحار البكاء , فامتطيت قصيدتي وأمسكت زمام القلم فأشرعت في الاعتذار والقلب يرشحُ ندماً , همهمت وقطّبت وقلت قد خلدتُ في وادي نهم , تسربلت سرابيل الأسى وتهاوت من خيالي أعالي الأمل , وتلاشت حكايات الهمم , نظرت وإذا القبر قد ابتسم , وراح ينادي هلموا بالكفن , قلت لحظة فأميرة الدلالِ , التي غَزَلتْ للحياةِ لباسَ الجمالِ , عني في سخط سأرضيها و لك مني قسم .
فجئتُكِ ويداي قيدتا وقد أوثقهما الزلل واللسان قد أسكته الخجل فهاكِ كلامي فاصفعيه , وهاك الروح وبهذا السيف ... , واشفي غليلك من جاهل لا يعرف حق العشقِ ولا الإخاء , أو اصفحي فالعفو مرجو من هذا البهاء والصفاء , فمنه يفُوحُ الخير ويتلوه العطاء , ولك مني عهد فأمري بما القلب شاء واغفري خطأي فاني من طين وماء , يا أميرة السماء لك خمراً مهما بي العمر طال , لك روحي دمية , ونفسي لعينيك فداء فارحمي فالدهر يحدو بي نحو الفناء وقلبي لا يزال ملؤه الرجاء .
منتظر السوادي 15 / 7 / 11