أحدث المشاركات
صفحة 6 من 9 الأولىالأولى 123456789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 87

الموضوع: بين ..((الميم)) و ((الحاء))

  1. #51
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الجزار مشاهدة المشاركة
    القصيدة عمودية.. ولكن بعض أبياتها كُتب بشكل منثور.


    بين .. ((الميم)) و ((الحاء))
    أَتَى يَطرُقُ البابَ ساعي البريدِ
    يُنادي علينا بأعلى نِدَاءْ
    يقولُ: "خِطابٌ أتى فَخُذُوهُ،
    ولِي حاجةٌ تَسْتَحِقُّ القَضَاءْ..
    أُريدُ الـ (حَلاوةَ) إنْ كانَ خيراً
    وإلاّ... فلا أستحقُّ الجزاءْ
    *****
    تَسَلّمتُهُ منه..
    ثم مَدَدْتُ يداً نحوَ حافظتي في حَيَاءْ
    وأخرجتُ منها جُنَيْهاً يتيماً
    فصادَرَهُ ومَضَى في دُعاءْ
    *****
    أَخَذْتُ الخطابَ..
    وبين يدَيَّ أُقَلِّبُهُ
    لأرى كيف جاءْ،
    ومَن هو مُرْسِلُهُ في بَريدي
    فخُضْتُ بحوراً بغيرِ اهتداءْ
    ولم أرَ فوقَ الغلافِ سوى اسمي
    فوجَّهتُ عينيَّ نحوَ السماءْ
    وقلتُ: أُخَمِّنُ.. هل هو عَمّي؟
    أَشُكُّ؛ فعمّي يعاني الثراءْ
    تَغيَّرَ مِن عَيشِهِ في أُوربّا
    فأصبحَ فَظّاً قليلَ الوفاءْ
    ........
    فقلتُ: ابنُ خالي..
    يُطَمْئِنُ قلبي عليه.. ويَطلُبُ منّي اللقاءْ
    ولكنّني لا أظنّ ابنَ خالي؛
    فخالي يكِنّ لأُمّي العَدَاءْ..!
    ........
    فهل هي أُختي التي قد توارَتْ مع الزوجِ
    في رحلةٍ للعَنَاءْ؟
    ولكنّها مُنْذُ أنْ فارقَتْنا
    تناسَتْ.. وهَدَّتْ قُصورَ الإخاءْ
    فقلتُ:
    ومالي أُخَمِّنُ هذا وذاك وتلك... بغيرِ انتهاءْ؟!
    سأفتحُ هذا الخطابَ الغريبَ
    ودائي.. سأحسِمُهُ بالدواءْ
    ......
    فتحتُ الخطابَ، وحدَّقتُ فيهِ
    وجدتُ حُروفاً بلونِ الدماءْ
    يقولُ الخطابُ:
    إليكمْ جميعاً
    بعثتُ ندائي
    فَلَبُّوا النداءْ
    أنا الطفلُ في القدسِ
    أحيا لأرضي
    وأغزِلُ أثوابَها بالفِداءْ
    أيا شاعرَ القدسِ... هذا خطابي
    فأَبْلِغْهُ حتى عَنَان السماءْ
    وقُل إنّنا في فلسطينَ.. نمضي
    يُعَانِقُنا الموتُ والكبرياءْ
    وأَبْلِغْ دُعاة السلامِ بأنّا
    سَئِمْنا وعودَ السلامِ الهَبَاءْ
    ولسنا نُريدُ (سلاماً) بـ (مِيمٍ)
    ولكنْ نُريدُ (سلاماً)..... بـ (حَاءْ)

    *****
    =============
    ابننا الغالي شاعر القدس الحبيب: مصطفى الجزار
    لك الله يا شاعرا ملهما أخذت القلوب لأفق الضياء
    مزجتَ هنا الشعر والوعي حتى تنير لنا الدرب صوبَ السماء
    تحلق بين الحروف بحبٍّ وتدهشنا باقتناص السناء
    فصارت لك اللغة الأم أما رءوما تخصُّ ابنها بالعطاء
    بومضتك العبقرية تخطو خطى الواثقين من الشعراء
    فتبدأ من عالمٍ من قريب وتحسن تصويره بذكاء
    لتنقلنا نقلةً للأعالي فنسبح بين الرؤى في الفضاء
    هو الفرق يا صاحبي بين حاء بنا سوف تسمو لنيْل العلاء
    بحريةِ المجد والشهد نسعى ولو كان سعيا ببذل الدماء
    وميم بها سوف ينهار حلم ببئر المهانة ، بئر الشقاء
    فيا شاعر القدس والصدق هلا تقبلتَ مني معاني الثناء

    وسلم الله قلبك النضير وقدسنا الشريف
    مصطفى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  2. #52
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي

    أعود بما وعدت مع الاعتذار باختصار القراءة لظروف كثيرة ومثلك من يعذر.

    مقدمة
    لم يكن ليمنعني بعد أن قرأت قصيدة الشاعر المبدع مصطفى الجزار ظرف الحال الذي يطبق بكفيه على عنق وقتي أن أقوم بتناول هذا النص بقراءة نقدية موجزة هي الأولى لي في هذا المجال ، وما ذاك إلا لإبراز ما أجده خير مثال على شعري الذي أرفعه "الفكر قبل الشعر" ، ولأنصف حرفاً يدهش العقل حقاً ويملأ القلب صدقا.

    العنوان:
    بدا النص بعنوان بغموض جذاب وتحفيز مثير ليبدأ العقل في البحث عن إجابة سريعة للفضول الذي يثيره فهل الأمر يتعلق بحوار بين شخص وشخص أم هو حوار بين حرف وحرف أم هو حوار بين إنسان وحالة أم تناول بين إنسان وآلة ... إلخ. وبالتعرف على مكنون النص ندرك أن العنوان كان بحق مفتاح له يمسك بكل أبعاده المتضمنة ، ويرسم معالم الصورة الكلية التي تدور حولها الفكرة. ويحسب هنا للشاعر هذا التميز في اختيار نص معبر ومركز وجذاب.

    الفكرة:
    طغت الفكرة بشكل غامر ومدهش على ما سواها فكانت كلقطة ذكية الإيفاد عميقة الأبعاد حالة من التعامل العقلي مع أمور غير عقلانية في تقريب واضح لمفاهيم شوشها المنطق المعوج في تعاطٍ غير مدرك. الفكرة كانت تدور حول أهمية الحرف وتأثيره من جهة ، وأهمية التعاطي الحقيقي مع الحالة المعتبرة منطقاً ومعرفية من جهة أخرى ليقدم لنا هذا التمازج حالة مدهشة من الإيقاظ المنطقي للكوامن التي يغفل عنها المرء حيناً ويتغافل عنها أحيانا ، فبين الميم والحاء نجد عوالم علوية وسفلية وعلامات فارقة بين العزة والضعة أراد بها الشاعر أن يكون له فضل الإشارة إليها نصحاً وتنبيهاً.

    التناول والتجربة الشعورية:
    بدأ النص برمزية الخطاب "الرسالة" الذي يأتي به ساعي البريد ليثير حيرة المستلم الغافل في ماهية أهميته ومن سيهتم ليرسل له رسالة. ويدفعه الفضول لتفحص المظروف بحثاً عن عنوان يدل على المضمون فلا يجد إلا اسمه ليبدأ بعدها رحلة التخمين يدفعه الفضول في دروب مؤلمة من وصف لحال أمة تقطعت فيها أواصر القربى والرحم ، يتنكر فيها الأخ لأخيه ، ويعادي الأخ أخته ، وتتناسى فيها البنت أهلها في تمهيد رهيب ومخيف لما سيلي.

    انظر إلى روعة هذا التمهيد والتصاقه بالواقع وبالتمثيل في هذه الأبيات:

    وقلتُ: أُخَمِّنُ.. هل هو عَمّي؟
    أَشُكُّ؛ فعمّي يعاني الثراءْ
    تَغيَّرَ مِن عَيشِهِ في أُوربّا
    فأصبحَ فَظّاً قليلَ الوفاءْ

    هنا حيث بات المال غاية وسبباً للتصعر والنكران وقلة الوفاء ، وكيف يرسم هنا الشاعر بحرفية رائعة فقدان الانتماء ممن هجر بلده إلى حيث يحوز على المال والثراء على حساب هويته وانتمائه ليتحول منصهراً في المجتمع المادي الذي اختاره لآلة لا حس فيها ولا رقة حاشية يجعله فظاً قليل الوفاء لأقرب الناس إليه ، وكأن الشاعر هنا يعبر بطريقته عن معنى المثل الدارج في بيئته "الفلوس تغير النفوس".

    ثم انظر لهذه الصورة الأكثر إيلاماً في تدرج واضح لرسم الصورة القاتمة من السيء إلى الأسوأ:

    فقلتُ: ابنُ خالي..
    يُطَمْئِنُ قلبي عليه.. ويَطلُبُ منّي اللقاءْ
    ولكنّني لا أظنّ ابنَ خالي؛
    فخالي يكِنّ لأُمّي العَدَاءْ..!


    خالي يكن لأمي العداء؟؟!!
    رحمتك بنا يا الله!
    نعم بات يكن الأخ لأخته العداء ويورث هذا إلى أولاده وأولاد أولاده ليحدث الشقاق في المجتمع على عكس ما بني عليه مجتمعنا العربي المسلم من التراحم والتواد والتماسك. وفي هذه اللقطة المبدعة رصد وتشخيص لأحد أهم أسباب ضعفنا وهواننا على الناس يوم بات الأنا والذات والفرد هو نواة المجتمع ، وبات كل فرد يدور في فلك نفسه في فوضى تتسبب في الكثير من المعضلات.

    ولكن هل يتوقف الشاعر عن عبقرية رسم الصور المؤلمة ورصد المشاهد التي تشخص الحالة وتمهد للمرجو من الرسالة هنا؟؟
    كلا ، إنه يقترب أكثر من الذات ، ويلتصق أكثر بما يتماثل مع تشخيص المشهد في أدق تفصيلاته ليستمر "زوووم" عدسته الثاقبة يقترب أكثر فأكثر من مدى تغلغل هذا التخلخل في أركان البناء الاجتماعي وتفسخ العلاقة لنصل إلى ما يؤلم حقاً في هذا المشهد:

    فهل هي أُختي التي قد توارَتْ مع الزوجِ
    في رحلةٍ للعَنَاءْ؟
    ولكنّها مُنْذُ أنْ فارقَتْنا
    تناسَتْ.. وهَدَّتْ قُصورَ الإخاءْ


    الأخت تهد قصور الإخاء وتنسى أو تتناسى أهلها وهي أكثر من يحتاج إلى هذا التواصل. هل بقي بعد هذا شيء يقال أو حال توصف؟؟ وهل يمكن للحال أن تصل لما هو أسوأ؟؟ لنر ما يقول الشاعر بعد هذا التقديم العبقري والتمهيد الموفق.

    يقولُ الخطابُ:
    إليكمْ جميعاً
    بعثتُ ندائي
    فَلَبُّوا النداءْ
    أنا الطفلُ في القدسِ
    أحيا لأرضي
    وأغزِلُ أثوابَها بالفِداءْ
    أيا شاعرَ القدسِ... هذا خطابي
    فأَبْلِغْهُ حتى عَنَان السماءْ
    وقُل إنّنا في فلسطينَ.. نمضي
    يُعَانِقُنا الموتُ والكبرياءْ
    وأَبْلِغْ دُعاة السلامِ بأنّا
    سَئِمْنا وعودَ السلامِ الهَبَاءْ
    ولسنا نُريدُ (سلاماً) بـ (مِيمٍ)
    ولكنْ نُريدُ (سلاماً)..... بـ (حَاءْ)


    هنا إذاً نخرج من حالة التخمين إلى حالة التضمين لنجد أن الأمر يتعلق أيضاً بالإخاء وبالوفاء وبالعداء ، ولنجد أن ما يراد هنا هو أننا حين تفسخت علاقاتنا على المستوى الشخصي تفسخت كذلك على المستوى العام ، وأن الخلل في الفرد هو سبب الخلل في المجتمع ، وهذا بالمناسبة هو أحد أهم شعارات رابطة الواحة التي ندعو من خلالها إلى إعادة الصياغة باعتبار أن المشكلة تكمن في الفرد ولن ينصلح حال مجتمع فسد الفرد فيه ، وأن السبيل الأمثل لمجتمع صالح هو إصلاح الفرد وإعادة صياغته بشكل سليم.

    هي إذاً رسالة الطفل الفلسطيني شقيق الألم إلى كل عربي شقيق الأمل ، هي رسالة تدعو لصلة الرحم والتمسك بالانتماء للإنسان وللأرض وللدين. هي رسالة من يخاطب أهله وأمته على لسان شاعر القدس بشحو حزين وألم دفين وذراع غير مستكين.

    ثم تكون الخاتمة المدهشة المذهلة في حالة أدبية تتجاوز ملاعب الحرف بالحرف إلى معالم الدم بالدم ، ومن حالات التيه في فدافد النفس اليائسة المتعلقة بأوهام سلام الميم إلى إحالات النفس إلى ملامح الأمل المرجو من حقائق سلام الحاء.


    البناء:
    الأسلوب:
    الأسلوب هنا يعتمد المباشرة كإطار عام يهتم بتوصيل الفكرة بشكل واضح وبأسلوب مبسط وهو الأسلوب الأمثل في مثل هذه المضامين الفكرية الجادة وأنا هنا أعتبر هذا إجادة من الشاعر تحسب له لا عليه. ورغم هذا لم يخل الأسلوب من إسقاطات واضحة ورمزية لم تغرق في الغموض مما يخدم التوجه للمقصد المراد.

    الجرس والموسيقى:
    اختار الشاعر بحر المتقارب وهو بحر قوي الجرس عادة ولكننا نجد الشاعر هنا قد استطاع بمهارة أن يحتوي أمواجه الهادرة في ظاهره إلى تيارات عميقة تمور في أعماقه في موسيقى داخلية شجية تناسب الحالة الشعورية والألفاظ التي تصف واقعاً حزينا. وأرى في تدوير الأبيات أحد الوسائل الذكية لتهدئة الجرس هنا ومنح اللفظ مدى أوسع للتنفس والتنهد في سياق الحالة الشجية للشعور.

    المفردات والتراكيب:
    يتضح لنا أن الشاعر يعتمد اللغة البسيطة التي تقترب من لغة البسطاء حرصاً منه على أن يبرئ ذمته بتوصيل هذه الرسالة للجميع بشكل يفهمونه ويدركونه ، والألفاظ الفصيحة هنا تكاد تلتصق بمثيلاتها من الألفاظ العامية ، بل ونجد من الشاعر إدراج بعض الألفاظ العامية من واقع بيئته دليلاً على مدى هذا التبسط اللغوي. ولعل معرفتنا أن الشاعر هو أيضاً أحد شعراء العامية في بلده ومعرفتنا الشخصية بفلسفة الشاعر في هذا المجال يعيننا على إدراك سبب هذا الأسلوب اللغوي بسيط المفردات ، وإن كنت لا أوافق الشاعر على هذه الفلسفة إلا أنني أحترم ما قصد هنا وأشيد بما أجاد به من تراكيب تنتمي إلى أسلوب السهل الممتنع الذي يوصل لك الفكر المراد بأبسط الكلمات.
    تراكيب الشاعر كانت موفقة جداً ، وتوظيف المفردات كان مما يجدر الإشادة به إذ نجد دقة انتقاء الشاعر للمفردات بما يبتعد تماماً عن الحشو بكل أشكاله ووضعها في سياق تراكيب تخدم في كل جزئياتها المعنى المراد إما تمهيداً أو توصيفاً أو توصيلاً.
    لننظر إلى بعض الأمثلة كدلالات على هذا التميز الظاهر في الاستخدام والتوظيف:

    أُريدُ الـ (حَلاوةَ) إنْ كانَ خيراً

    هنا رصد لحالة تعم الأهل في مصر بما يطلق عليه "الحلاوة" أو "البغشيش" والذي يمثل في نظري سبباً لألم ولغضب. أما الألم فهو للحالة التي أدت ليمد الكثير أيديهم إما تسولاً أو ابتزازاً أو غير ذلك بل قد وصل الأمر إلى أن تطلب هذه الأمور طلباً بالأمر وتحدد قيمتها في موضوع يطول لا مجال له هنا ، وأما الغضب فهو لخطأ ذلك وضرره الشديد على الفرد والأمة وباعتبار ذلك مهما وصف بألفاظ رقيقة حراماً يجب أن يبتعد عنه المرء. القضية معقدة على كل حال ، ولكن ما يهمني هنا هو ذكاء الشاعر في اقتناص الفرصة لرصد هذه الحالة بهذا الشكل وتأكيد رؤيته لها في قول لاحق:

    وأخرجتُ منها جُنَيْهاً يتيماً
    فصادَرَهُ ومَضَى في دُعاءْ


    تأمل مدى موافقة اللفظ "فصادره" بما يحمل من معاني التزمت والابتزاز من طرف الموظف ، وحالة القهر والأمر الواقع على المواطن. ثم انظر إلى قوله "جنبهاً يتيماً" ليدل على أكثر من معنى أيضاً فأول ما نفهم هو الإشارة إلى حالة الفقر التي يعيشها معظم أبناء الأمة ، والثاني هو تأكيد بأنه لا يخرجه طواعية بل قسراً ، والثالث هو حالة اليتم التي يشعر بها المواطن بعد أن ترسخ في مفهومه أن نسبه إنما للمال والجنيهات.
    ثم تأمل قوله هنا:

    سأفتحُ هذا الخطابَ الغريبَ

    هل وصف الخطاب بالغريب يقف عند حدود المعنى الظاهر أم يمتد لمعاني أكثر عمقاً وتأثيرا؟؟ إن المعنى يتسع لآفاق كثيرة وعميقة لعل أهمها أن الشاعر يحاول هنا أن يقول بألم: لقد بات خطاب الأبناء لأمتهم حالة غريبة ومستغربة وبات عدم الاهتمام هو الرد على مثل هذا الخطاب إ فالخطاب غير الغريب في هذا الزمان إنما هو خطاب التبعية والتملص من الهوية والمسؤولية. الأمة تريد أن تستمر في حالات اللهو والدعة ومثل هذا الخطاب الذي يضعها أمام مسؤولياتها لا بد ستعتبره غريبا.

    الصور والمحسنات والبديع:
    ربما كان بساطة اللفظ في النص سبباً لقلة المحسنات واختفاء البديع ، وأجد أن ذلك تم تعويضه في الحس الشعوري والصور الكثيرة الموفقة التي أعانت بمجموعها على خلق صورة كلية واضحة المعالم.
    لقد وفق الشاعر في رسم صور المعنى مما اشرنا إليه سابقاً ، ولكنه أجاد أيضاً في رسم صور المبنى من خلال العديد من الألفاظ والتراكيب بما يتسق والحالة السردية للتجربة ، وبما يؤطر للفكرة المقصودة بأوسع مدى عددا. لننظر في هذه المختارات كأمثلة على التشبيه والكناية والاستعارة وغيرها:

    جُنَيْهاً يتيماً

    فخُضْتُ بحوراً بغيرِ اهتداءْ

    وهَدَّتْ قُصورَ الإخاءْ

    وجدتُ حُروفاً بلونِ الدماءْ

    وأغزِلُ أثوابَها بالفِداءْ

    يُعَانِقُنا الموتُ والكبرياءْ



    وبعد أيها الشاعر ...
    فإني وجدتني أغرق هنا في ثنايا نصك المعبر الهادف بشكل أشغل تفكيري حقاً تماماً كما شغل تفكيري نصك العامي عن صلاح الدين وجنده بما يشهد لك بعبقرية الطرح والتناول الفكري لمضامين الشعر العربي تأطيراً لدوره المحوري في تشكيل الوجدان وإحداث التأثير المأمول من ديوان العرب ، وهذا مما أثمنه عاليا.
    وما كان ما نثرته هنا من قراءة سريعة إلا تعبيراً بسيطاً عن إعجابي بما نظمت من أحرف وبما طرحت من معنى وفكر رشيد.


    وفقك الله.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #53
    الصورة الرمزية د. فوزى أبو دنيا عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : Misr - Cairo
    العمر : 62
    المشاركات : 1,770
    المواضيع : 120
    الردود : 1770
    المعدل اليومي : 0.26

    افتراضي

    هذه الرسالة التى قدمها مصطفى الجزار ومهد لها بحال الامة العربية فى اسقاطة واضحة لصلة الدم والدين ومايربط بين العائلة هو نفسة مايربط بين الاقطار العربية اى انه يارهن على حال الامة كما نرى فى رسالة ماكرة الصنعة
    وانتقل الشاعر بنا بحرفية المتمكن من ادواتة من الخاص الى العام فى خطاب جعله مفاجاءة للقارىء الذى انتظر ان يعرف ممن جاء ولكنه لم يكن خطاب عادى لشخص عادى بل كانت رسالة تحفز على الولاء والانتماء وارتباط صلة الدم التى ضاعت هباء فى النهاية يصرخ لنا الشاعر بشكل غير مباشر وا معتصماه
    تحية ود وتقدير للشاعر المميز مصطفى الجزار


    صدقت ابا عمر
    ووصل النداء
    تحياتى وتقديرى لك

  4. #54
    الصورة الرمزية مصطفى الجزار شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر.
    العمر : 46
    المشاركات : 3,077
    المواضيع : 149
    الردود : 3077
    المعدل اليومي : 0.48

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالخالق الزهراني مشاهدة المشاركة
    وهل هدّنا غير طول الرجاء
    بإبدال ميمٍ بحاء...
    ولكن قومي أبوا يفهمون
    وأخشى إذا أبدلو أن يغيروا على الحرف قبل الأخير فيُحذف من قاموسهم..
    فيصبح حتى السلاح بلاء
    أخي الكريم/ عبد الخالق الزهراني

    صدقت يا أخي فيما قلت.

    تحياتي وتقديري لمرورك الكريم.

    دمت مبدعاً.

  5. #55
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    ما أجملك أيها الكلام حين تخرج من قلم المبدعين
    أخي أيها الشاعر الفنان
    والله لقد أبدعت
    ربما لن اضيف جديدا لكلام من سبقوني من الاساتذة
    لكني أقول أنني قد تمتعت بالقصيدة
    وهي من المرات القلائل التي أرغب في أن أقرأ قصيدة مرة ومرة ومرة دون ان أمل

    راااااااااائع انت
    ووصلت بنا الى الفكرة بعد طول تشويق
    دمت ودام قلمك المبدع
    أموتُ أقاومْ

  6. #56
    الصورة الرمزية مصطفى الجزار شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر.
    العمر : 46
    المشاركات : 3,077
    المواضيع : 149
    الردود : 3077
    المعدل اليومي : 0.48

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي أسعد أسعد مشاهدة المشاركة
    أخي مصطفى
    روعتك لا حدود لها
    أتابعك بشغف
    وبود
    أخي النقيّ/ على أسعد أسعد

    واللهِ إني لَـ (أسعد أسعد) بمرورك على حروفي المتواضعة.

    تحياتي أخي الكريم المبدع.

  7. #57

  8. #58
    الصورة الرمزية مصطفى الجزار شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر.
    العمر : 46
    المشاركات : 3,077
    المواضيع : 149
    الردود : 3077
    المعدل اليومي : 0.48

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صباح الحكيم مشاهدة المشاركة
    كم انت رائع ايها الشاعر الكريم
    تشدنا حروفك بعمق
    نعم لا سلام مع ملة الكفر بل نحن بحاجة إلى سلاح لنقاوم زيف سلامهم
    سلامي لك و ليراعك المدهش
    احترامي
    أخي (أو أختي)/ صباح الحكيم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بارك الله فيك وفي مرورك الكريم، وشكراً على تعليقك الذي أدخل السعادة على قلبي حقاً.

    تحياتي وتقديري

  9. #59
    الصورة الرمزية مصطفى الجزار شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر.
    العمر : 46
    المشاركات : 3,077
    المواضيع : 149
    الردود : 3077
    المعدل اليومي : 0.48

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأحمدى عثمان أحمد مشاهدة المشاركة
    ما اجملك عندليبا تعزف سيمفونيات الكلمة العذبة الراقية....تسعد العاشق...وتداوى الكليم......
    وتروى مشاعرنا الوطنية فى تيه العروبة المخجل.......قصيدة رائعةبجوار أخواتها الأخريات...
    تطرز بهن للأقصى ثوبا قشيبا بعدما عراه تجار السلام.....أستاذى وقدوتى:زادك الله حتى نستزيد..
    سلااااااااااااااامى لعمر..........
    الأحمدى عثمان الهوارى
    أخي الشاعر المبدع/ الأحمدي عثمان الهواري

    بورك فيك أخي الكريم، وفي مرورك المعطر بمسك الإبداع.

    وفي انتظار هطول إبداعاتك على واحة الخير...... فقد طالت غيبتك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحياتي وتقديري.

  10. #60
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 358
    المواضيع : 15
    الردود : 358
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    هكذا الجزار كما تعودنا منه يحترم القارئ
    ويحترم أنسانيته فلا يعبث بمشاعره ثم يتركه دون حل وأنما دائما يجد الحلول
    الابداعية والحلول النفسية في إطار من الدراما الشيقة المؤلمة في ذات الوقت
    تحياتي أخاً وصديقاً وفناناً
    [IMG]\\It008\عمو رامى\ramy[/IMG]

صفحة 6 من 9 الأولىالأولى 123456789 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. أَحْلَامٌ سَقَطَ مِنْهَا حَرْفُ الحَاءِ
    بواسطة أحلام أحمد في المنتدى بَرْقُ الخَاطِرِ وَبَوحُ الذَّاتِ
    مشاركات: 165
    آخر مشاركة: 17-06-2020, 10:13 PM
  2. قراءة نقدية مختصرة في قصيدة بين الميم والحاء للشاعر مصطفى الجزار
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-08-2014, 03:03 AM
  3. أحـ ـبكِـ ـ ـ/ـ ـ ـي "بحرق الحاء"!!!
    بواسطة محمد فكري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 21-11-2008, 07:05 PM
  4. الحاء التي بينهما للقاص المغرب محمد فاهي/ترجمة سلطانة نايت داود
    بواسطة سلطانه نايت داود في المنتدى الشِّعْرُ الأَجنَبِيُّ وَالمُتَرْجَمُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-04-2008, 09:13 PM