إلى كل نخلة عراقية اجتثت قبل آوانها
ما كنا نعرف أنَّ لابتسامتك كل هذه الألفة، ولعينيكِ كل هذا الألق المغرق في ليل بلا انتهاء، ولا كنا نعرف أنَّ لرحيلك كل هذا الوجع، نصبر أنفسنا عنك بأنَّ للملايين جرحاً كجرحنا، ورحيلاً كرحيلك، لم يمنحهم فرصة الوداع الأخير، ولو كنَّا سنودعك ماذا كنا سنقول؟ إنَّ حروفك هنا لم تزل عابقة بذكرى مرور أصابعك النقية، ولا ندري لماذا تستمد الحروف عمقاً أكبر حين يتركها لنا أحبة راحلون.
نعزيك بأنَّ وجودنا ربما ليس بأسعد من مصيرك.
من كان يدري أنَّك يوماً ما ستضيفين رقماً إلى عديد النخل المتساقط في بلدي بشظايا تُحسن اهداء الموت، واطفاء العيون اللامعة و إخماد ثورة الشباب ودفن الذكريات. السماء أيضاً تفتقد عينيك المتطلعتين دوماً إلى ارتقاء القمر و التحليق بين النجوم وفوجئت مثلنا بأنَّك رهن الأرض إلى الأبد.
نعم نحن مفعمون بالحزن مسكونون بهاجس الفراغ مرغمون على الصمت لأنَّ القدر فوق مستوى قبولنا أو رفضنا وقدرك أن تبتعدي وقدرنا أن نمد يدينا فلا نصب إليك، لن تنساك عيون المقربين التي كانت تنثر حولك نظرات الود و المحبة و الاحترام، ولن تنساك أهازيج طفولتك التي رحلت وفي نفسك جمُّ حنين إليها.
كيف ترحلين هكذا أما قلت أنَّ لديك طموحاً ومشاريع لم يبدئيها بعد.
أم أنك لم ترحلي بل حققت حلمك في أن تزوري القمر. حين سقطت أمطرت السماء الورود و انفتح للحلم باب جديد ليحيل الموت إلى رحلة عبور إلى لقاء آخر.
عيناك أم زهرتان ويداك أم نغمتان، وصوتك أم إطلالة الحلم بين اليقضة و الوسن.
لست أول نخلة فتية تُجتثُ عذوقها المحملة طموحاً ورغبات، فنحن نعاشر يومياً ذبح النخيل و اغتيال الملكات يا سيدتي. الحياة تهويمة نائم ، العشق مرحلة و الرحيل ليس إلا بداية.