"لمدن سكنتني، فسكنتها، طردتني بعيدا عن أسوارها ،فلم أستطع أن أطردها بعيدا عن اسوار ذاكرتي .."
المدينة الأولى "طنجة"
في ذاكرة الراحل بعض الحنين...
في اللغة صوت الوجع يهمس باستمرار مخاطبا الماضي البعيد ..
في الأغنية لا يستقر سوى المطر المشبع بالدمع
حيت ترفع البواخر مراسيها ،ويبكي البحارة موت الأسطورة، هناك حيث تتغنى الفتاة بوسم الرحيل ...
وتقبع المدينة في ركن منزو، تبحث عن نصفها ألأخر تحت أضواء خافتة لا تكاد تبين ملامحها، تخبئ تقاسيم وجهها خلف طرحة بيضاء غير لونها الزمن لأصفر معتل ...
المدينة الثانية "مراكش"
حيت جمال الطاووس لا يغري أحد، استبدل بـ أفعى كبرى تتلوى..حيت القصيدة فقدت عفتها على يد أحد "الحليقية" يجيد مغازلة أسماع الآخرين ... حيت الدفء يتحول لشعلة حرارة تحرق هبات الرياح المحملة بالحنين ...فتدمع الأعين وتتلوى الأفعى في محاولة منها للقصاص الأخير من الطاووس ..
المدينة الثالثة "إفران."
حثت يتراقص الثلج إلى الدفء في أحضان الجبال ،حيث العصفور يضع أول قشة عش ..حيث فنجان الشاي الساخن يشبه تجمع الأصحاب في يوم عسير، حيث يستبدل العشاق برد المكان، بدفء المشاعر فتصبح الصورة أوضح ويصير للحب مكان ولادة.
المدينة الرابعة "شفشاون"
حيت الجبال تجلس بهدوء، تمر تحت أقدامها أنهار ماء، حيت اللغة ما زالت تستأنس ببعض الزوار المتجددين الباحثين عن نشوة مخدر ..حيث تتلاشى الذكرى خلف سحب من دخان مخدرة بالوهم، حيث المنديل يعاند الجينز ،والفوطة تخبئ بعض الجسد المطل خلف القمصان بعناد.. حيث الحضارة الغربية تتحول لمجرد نكتة مضحكة في مقاهي ساحة ـوطاحمام ـ
المدينة الخامسة "تطوان"
حيت اللون الأبيض ملجأ القانطين ... حيث الدموع تحرق جذور الحكايات فتختفي الحقيقة خلف صورة مزيفة ،لتفاصيل قصور كانت تحمل اسم أصحابها ،اختفت الأسماء وضلت القصور تحتفل مع كل عروس بالفرحة الأولى ...حيث تتأهب الحمامة البيضاء لمغادرة المكان، غير أن حلم الطيران تلاشى على يد نحات يجيد البناء .
المدينة السادسة "مسيرة مولاي علي زرهون ـ فاس ـ "
حيت تكثر الأمنيات خلف الأضرحة..حيث الميت يطارد الحي بلعنة واجبة ...حيث تقدم القرابين احتفالا بيوم الدم، فتصرخ المدينة في صمت ..حيث لا معقول يتحول لحكاية نصدقها بتفاصيلها المخيفة ...حيث السجن يتعدى القضبان الحديدية، فيتحول لسجن الذات داخل فصول غريبة من حكاية واقعية ،تحدث في كل مسيرة ...حيث الألم يعادل السعادة .