أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: إشاعة مزعجة - ق ق - نزار ب. الزين

  1. #1
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي إشاعة مزعجة - ق ق - نزار ب. الزين


    إشاعة مزعجة
    قصة قصيرة
    نزار ب. الزين*


    بعد سهرة طويلة في بيت رئيس مخفر قرية الغدير ، ترك الأستاذ مروان المضافة في طريقه إلى سكنه في المدرسة ، و في يده عصا ، يهش بها الكلاب الضالة إذا صادفته ، و بيده الأخرى ضوء بطارية ( فلاش ) ، كان يضيئه من حين لآخر تجنبا للتعثر بالحجارة التي كانت تملأ الطريق .
    كانت تلك هي المرة الأولى التي يتأخر فيها مروان حتى انتصاف الليل ، أما السماء فكانت صافية و الهواء عليلا ، إلا أن القمر كان في أواخر أيامه فلن يظهر قبل الفجر ، و لكن أضواء النجوم كانت كافية لتريه طريقه بمعاونة ضوء البطارية ..
    كان يصفر لحنا جميلا عندما لفت نظره ، حيوانا ما ، يتعقبه ...
    وجه الضوء نحوه فلمعت عيناه ، و لكنه لم يميزه ..
    أما الحيوان فقد كف عن اللحاق به ، لربما أزعجه الضوء ...
    " ترى هل هو كلب ضال ؟؟ "
    " أم ترى هو ذئب يبحث عن فريسة ؟! "
    ارتعدت فرائصه لمجرد الفكرة
    و بدأ يسمع ضربات قلبه و كأنها طبل أفريقي يعلن النفير !
    " لقد انتهيت يا مروان "
    " آخرتك بين فكي حيوان مفترس ، يا مروان !! "
    أخذ يهمس إلى ذاته و قد بدأ يشعر بشلل الرهبة .. ، و لكنه تجلد و استمر يغذ السير ..
    " لا زلت في منتصف الطريق ، يا مروان "
    " الله يرحمك يا مروان "
    و لكنه تجلد و استمر يغذ السير ...
    و من حين لآخر كان يلتفت نحو رفيقه المرعب ..
    يسلط الضوء نحوه ، تلمع عيناه ، يكف عن اللحاق به لفترة وجيزة ، ثم يتابع ..
    يسمع الآن لهاثه ..
    " لقد اقترب اللعين .... "
    يرفع مروان عقيرته بالغناء ... فيخرج صوته متحشرجاً ..
    يشعر أن الحيوان أصبح وراءه مباشرة الآن ..
    يلتفت مسلطا الضوء عليه ..
    يا للهول إنه ضبع ..
    يعرفه من ظهره المائل ..
    " رأيت الضبع ( الذي أكل بياع الحلاوة) ، في أحد الأعياد ، عندما كنت طفلا يا مروان ."
    " رأيت صورته في عدة كتب يا مروان .."
    " الله يرحمك يا مروان "
    يكاد يسقط ...
    يتجلد ..
    يجر قدميه ..
    و لكن الضبع يبتعد عنه قليلا نحو اليمين ..
    ربما أزعجه الضوء !
    أخذ مروان يصرخ ، ملتفتا نحو القرية خلفه:
    " وين راحوا . وين راحوا...وين راحوا النشامى "
    " يا أبو عدنان ... يا أبو فيصل .. يا أبو شهاب !!!! "
    و لكن الضبع لا زال يرافقه ..
    يسلط عليه الضوء من جديد ..
    يبتعد الحيوان أكثر ..
    يعاود الغناء بأعلى ما أوتي من صوت ، يخرج صوته متحشرجا أكثر من قبل...
    ثم يعاود الإستنجاد بأعلى ما أوتي من صوت الذي لا يزال يخرج متحشرجا :
    " وين راحوا .. وين راحوا...وين راحوا النشامى "
    " يا أبو عدنان ... يا أبو فيصل .. يا أبو شهاب .. يا أبو هايل !!!
    و لكن بلا طائل فكل الناس- الساعةَ - نيام ...
    يتجلد ثم يستمر يغذ السير ...
    فجأة يلمح بناء المدرسة ...
    " لقد اقتربت من طوق النجاة يا مروان "
    " تجلد يا مروان "
    " إنها بضعة أمتار يا مروان "
    يسلط الضوء نحو اليمين
    " لا زال اللعين يرافقني "
    يقترب من المدرسة ، يجري ، يخرج المفتاح من جيبه سرواله المبلل بيد مرتعشة ، يصعد الدرجات الثلاث قفزا فيتعثر ، ينهض بسرعة ، يفتح باب غرفته ، يدخل و هو يلهث ، و طبول قلبه لا زالت تدق ايقاع الخطر ، يقفل الباب ؛ يجر الطاولة وراء الباب ... ثم يتهالك فوق سريره ، و هو يهمس إلى ذاته :
    " لقد نجوت يا مروان ... "
    " كاد الضبع يلتهمك يا مروان ... "
    " و ليمة عشاء فاخرة ، كنتَ ستمسي ، يا مروان "
    " ربما كان سيدعو أم عياله السيدة ضبعة ، و جراءه الجائعين ، أو ربما كان سيجرك إليهم .... يا مروان "
    " الحمد لله على سلامتك .. يا مروان ..."
    *****
    في اليوم التالي ، قص ماجرى له ، على كل من صادفه .
    صدقه البعض و ظن البعض أنه متوهم !
    و بعد انتهاء الدوام المدرسي ، توجه إلى المخفر ، ليحكي لصديقه أبو عدنان - رئيس مخفر الغدير - عن تجربته المرعبة تلك ، و يعاتبه لأنه لم يرسل معه مرافق ليلة أمس .
    و تصادف وجود أحد وجهاء القرية ، الذي أكد أن مرافق الأستاذ كان بالفعل ضبعا ، و لكنه لم يكن جائعا ، فقد نبش قبر طفلة رضيعة كانت قد دفنت بالأمس ؛ ثم أضاف ضاحكاً :
    - و لولا أنه كان ممتلئاً لكان الأستاذ مروان وجبته ! .

    *****
    انتشرت ، قصة الأستاذ مروان بين أهل قرية الغدير ، ثم تناقلتها الألسن إلى القرى المجاورة ثم إلى مركز المحافظة ، كانوا ينقلونها بصور شتى و بأساليب مختلفة ، حتى تطورت إلى عبارة : (( الضبع ، أكلَ الأستاذ مروان ، معلم مدرسة الغدير))
    و بطريقة ما بلغت القصةُ العاصمة .
    ثم تناولتها إحدى الصحف مُبهَّرةً محوّرة !....

    *****
    بعد بضعة أيام ، فوجئ الأستاذ مروان بحافلة تقف جوار المدرسة ، ثم يترجل منها والده و عمه و شقيقيه و بعض الأقارب !!!
    و ما أن رَؤوه حتى هرعوا نحوه يضمونه إلى صدورهم مهنئين بسلامته .
    -------------
    نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب

  2. #2
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    هذه تجربة قديمة تثبت نجاعتها في كل مرة
    من عادة الناس التهويل ونقل الكلام مع الكثير من الاضافات

    أحب فيك واقعيتك أستاذ نزار
    أحييك على ابداعك كاتبنا الكبير
    كل الود
    أموتُ أقاومْ

  3. #3
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    قصّ رائع يصوّر بدقّة ما يعتري الإنسان من مشاعر تكاد تكون قاتلة عند تعرّضه لما يخيف، خاصّة إن كان متاكدّا أنّه لن يضمن السّلامة !
    ولفتة قويّة تجاه ظاهرة اجتماعيّة خطيرة : الشّائعات وتبعاتها .
    تذكّرني قصّتك أستاذي بطرق القرى الموحشة التي كان يروي سالكوها الكثير من الحكايات المرعبة ، التي ظنّها السّامعون خزعبلات خوف، وتوهّمات ؛ ليكتشف أحدهم ذات ليلة أنّ ما يروى على لسان البعض صحيح !
    سلم اليراع وصاحبه ... لكنّني رغبت أن تنتهي القصّة بجملة: ".. تناولتها إحدى الصّحف مبهّرة محوّرة "
    تقديري وتحيّتي


    ملحوظة : حيوانٌ ما ... يرسل معه مرافقا ... رأوْه

  4. #4
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    المشاركات : 261
    المواضيع : 16
    الردود : 261
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    تصوير رائع جعل أنفاسنا تتلاحق وكأننا نعيش تلك اللحظات بخوفها ورعبها .

    تجسد القصة بواقعية وتسردها بإبداع متقن .

    وكما معروف بأن مجريات القصة عندما تتقاذفها الألسن يدخل فيها الكثير من المبالغات لتتحول إلى شائعة .

    سلم فكرك الراقي

  5. #5
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    قصّ رائع يصوّر بدقّة ما يعتري الإنسان من مشاعر تكاد تكون قاتلة عند تعرّضه لما يخيف، خاصّة إن كان متاكدّا أنّه لن يضمن السّلامة !
    ولفتة قويّة تجاه ظاهرة اجتماعيّة خطيرة : الشّائعات وتبعاتها .
    تذكّرني قصّتك أستاذي بطرق القرى الموحشة التي كان يروي سالكوها الكثير من الحكايات المرعبة ، التي ظنّها السّامعون خزعبلات خوف، وتوهّمات ؛ ليكتشف أحدهم ذات ليلة أنّ ما يروى على لسان البعض صحيح !
    سلم اليراع وصاحبه ... لكنّني رغبت أن تنتهي القصّة بجملة: ".. تناولتها إحدى الصّحف مبهّرة محوّرة "
    تقديري وتحيّتي

    ملحوظة : حيوانٌ ما ... يرسل معه مرافقا ... رأوْه

    ===============
    أختي الفاضلة كاملة
    رائعة هي قراءتك للقصة فقد أحطت بكل جنباتها
    مما يشير إلى سعة اطلاعك و رحابة ثقافتك
    أما ثناؤك فهو شهادة شرف سأعتز بها على الدوام
    فلك من الشكر جزيله و من التقدير كثيره
    نزار

    ملاحظة : ألف شكر لتصويباتك النحوية

  6. #6
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
    هذه تجربة قديمة تثبت نجاعتها في كل مرة
    من عادة الناس التهويل ونقل الكلام مع الكثير من الاضافات
    أحب فيك واقعيتك أستاذ نزار
    أحييك على ابداعك كاتبنا الكبير
    كل الود
    ****************
    أخي المكرم أحمد عيسى
    صدقت ، كثيرا ما تسبب الإشاعة مشاكل خطيرة
    قد تكون عواقبها وخيمة
    ***
    الشكر الجزيل لمشاركتك القيِّمة
    و لثنائك الرقيق
    مع خالص المودة و التقدير
    نزار

  7. #7
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دلال كامل مشاهدة المشاركة
    تصوير رائع جعل أنفاسنا تتلاحق وكأننا نعيش تلك اللحظات بخوفها ورعبها .
    تجسد القصة بواقعية وتسردها بإبداع متقن .
    وكما معروف بأن مجريات القصة عندما تتقاذفها الألسن يدخل فيها الكثير من المبالغات لتتحول إلى شائعة .
    سلم فكرك الراقي
    ***************
    أختي الفاضلة دلال
    ممتن من الأعماق لثنائك على أسلوب القصة
    و لمشاركتك القيِّمة في نقاش النص
    و دمت بخير و رخاء
    نزار

  8. #8
    الصورة الرمزية علي عطية أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    العمر : 56
    المشاركات : 867
    المواضيع : 53
    الردود : 867
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    القاص الجميل الأديب نزار
    جميلة بمباشرة الآخذه بالقارئ إلى لحظات النهاية
    وهذكا أنت دائما تكتب القصة بعفويتها المدهشة

    دمت بذلك الإبداع أيها الرائع























    واسمح لي استاذي هنا أرى القصة تعالج أمرين الأول هواجس النفس حين الهزيمة الداخلية وتوهمات الظلام في ضوء الغموض ورعب التحقق لكن العنوان قد وشى بأن تلك هواجس وكابوس مما أثار التوقع بالنهاية ..
    ثم النقطة الثانية وهو تعاطي الشائعات وانتفاخها وهو ما رسمته حروفك الجميلة بمباشرة في سطور قليلة تعاقبت فيها الاحداث التي كلها تدور بذات المعنى والتي مؤداها الطبيعي لما حدث في النهاية من حضور أهل البطل لتقصي الحقيقة لذا اود لو كان المباشرة أقل قليلا لكانت الروعة اكثر

    وعذرا للتطفل لكنها مغازلة محب دمت والود أيها الحبيب

  9. #9
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي عطية مشاهدة المشاركة
    القاص الجميل الأديب نزار
    جميلة بمباشرة الآخذه بالقارئ إلى لحظات النهاية
    وهذكا أنت دائما تكتب القصة بعفويتها المدهشة
    دمت بذلك الإبداع أيها الرائع

    *************
    أخي الأكرم علي
    أسعدني إعجابك بقصي و أسلوبه
    و الذي أعتبره وساما يزيِّن صدري
    و لك الشكر و الود ، بلا حد
    نزار























    واسمح لي استاذي هنا أرى القصة تعالج أمرين الأول هواجس النفس حين الهزيمة الداخلية وتوهمات الظلام في ضوء الغموض ورعب التحقق لكن العنوان قد وشى بأن تلك هواجس وكابوس مما أثار التوقع بالنهاية ..
    ثم النقطة الثانية وهو تعاطي الشائعات وانتفاخها وهو ما رسمته حروفك الجميلة بمباشرة في سطور قليلة تعاقبت فيها الاحداث التي كلها تدور بذات المعنى والتي مؤداها الطبيعي لما حدث في النهاية من حضور أهل البطل لتقصي الحقيقة لذا اود لو كان المباشرة أقل قليلا لكانت الروعة اكثر

    وعذرا للتطفل لكنها مغازلة محب دمت والود أيها الحبيب

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    هادف كدائما حرفك تزينه الواقعية واقتناس آفات مجتمعاتنا لتناولها مادة تجعل النص تربويا

    وددت لو انتهت القصة عند وصول الخبر للمدينة

    دمت بخير مبدعنا

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. إشاعة - الحلقة 3 -نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 14-01-2015, 06:48 PM
  2. إشاعة - أقصوصة واقعية - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 14-08-2013, 05:08 AM
  3. إشاعة 4 - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 09-06-2013, 05:28 AM
  4. إشاعة 8 - أقصوصة نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10-01-2012, 12:15 AM
  5. إشاعة 7 - أقصوصة نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 29-12-2011, 02:42 AM