دعني أموت بتفصيلٍ، ولا تقاطعني..كأنك نصفي الذي لن يندمل، ولن يكتمل..ها أنت حزنٌ يمشي على أبدَين في قاع الشاعر والشارع. ما أغزر تلك الأمطار والأخبار، التي تنهمر على شقائك من السماء والمساء. حيث اشتعل القمر شيبا في تاريخ الليل حولكَ، وشاخت غابة كاملة من الحضارات على مرمى رصاصة واحدة من قبرك الإداري. على صهوة الموسيقى رأيناكَ تجوب أعمار الكلمات، وهي تزاحم النجوم في قعر السماء..لا تقاطعني..لاتقاطعني عليك ملئي من اللعنات..أعرف أنك بحثت عني في قفار نفسي حتى وجدتَ مقبرةً جماعيةً من السراب، ولمَّا ترعوي من السقوط الذي تظنه نهوضا..الشمس ما تزال تلاحق أنفاسك الأخيرة بأشد أصيافها حرقا..تطارد مواسيمك العجاف من بداية الحب إلى أقاصي القلب، وأنت ألف تعب وحب واحد.. يصلون عليك فلاة الغائب.. يصلون، أو يضلون، فيقرؤون عليك سورة الإفلاس قبل أن يدفنوا حظك الشهيد في رمضاء النسيان. لم تجدني، ولم أكن أياي حين انفجر انتظارك النووي، فأباد الجنون كله. أنت الأثيري الذي ترجَّل عن زمانه، وافترش رمال الأزل تحت شجرة الخلد المحرم..تزني حين تفكر، وتأكل أموال اليتامى حين تفهم من حولك، ولا يفهمك أحد. اتقي آخر جدار قائم على قدميك في طروادة العقل، ولا تشفق على من لا يفكر، فهو لا يموت ولا يحيى. كنتُ مصيرَك المحتومَ حين رأيتك على قارعة الحريق تمشي على قلميك..منتكباً حلمك الخشبي..تخط خطاك الوئيدة نحوي..تعبر حروبا شاسعة القتل دون قتال، وأنا أسأل الموت وراءك: متى تصل إلى هنا؟ إلى شاطئ الدم، وتركب أول جمجمة تصادفها في مملكة عظامي؟. هذه جمجمتي القديمة، هدية مني إليك.. تحمل توقيعي، وشيئا من ذكرياتي، فاركب وقدها إلى وعيك إن استطعتَ إليه تفكيراً.. قطيعٌ من القتل أمامك في براري هذا التاريخ الموحش..قتلٌ تشيب له الوديان. لك أن تطير كشواظ من نار أو عار..ولكن، لا تعبر إخوتك إلى هنا؛ حيث أخفي أسفي وما تبقى من بكائي..لا يعبر بحاراً من الشعوب المذبوحة، على النصب الحاكمة، إلا من اضطر غير باغ ولا عاد.. ابقى هناك على الضفة اليمنى لتلفازي.