كم كانت رقيقة طفولتي
كنتُ أنتظر قدومه من العمل, كان الأرهاق على وجهه دائمًا,لكنه كان ينساه عندما يراني أركض إليه مندفعًا وعينايَ تُبرقان فرحًا لقدومه, فيستقبلني بأحضان دافئة, تقطر حبّ وحنان,
وينتشلني بين كفيه ويلقيني عاليًا ثم يحتضنِّي, كنت دائما وأنا في الهواء قبل سقوطي بين أحضانه , أنظر إلى السماء وأردد في داخلي, متى سيدفعني بقوة أكبر كي ألامس تلك السحابات المكحلة؟
هل سأسير عليها يومًا .؟ ترى ما ذاك العالم.؟ أهو عالم الأمنيات الذي يتحدثون عنه؟!
كبرتُ وكَبِرتْ تلك الهواجس, حتى قابلتها يا أبي, إنها سحابة هاربة إلى الأرض؛ وكأن الليل يتسلل إلى الأفق من كحل عينيها, دموعها شتاء, وابتسامتها نهار,أنفاسها مناخ قد يتقلب من حين لآخر, رأيت كلّ ذلك عندما أخبرتني بقصّتها الغريبة التي جاءت بها إلى هنا
أخبرتها بحلمي يا أبي, قالت سآخذك إلى العالم الذي تحلم به, فذهبت معها وفي نصف الطريق جاءت رياح من رحم غيمة غاضبة أخذتها بعيدًا عنِّي, كانت تحلم بأن ترى عالمنا كما أردت رؤية عالمهم ,فأصبحَت منفيَّة,وأنا بتُّ سجينًا بين عالمين
آسف يا أبي, كلّ ما أردته هو تحقق حلمي, فذهبت إلى ذلك العالم, فعلقت هناك
آه كم أشتاق حضنك