ينبثق ذلك الخط الشفاف بين الشفق والسَحر وبين ألم الحزن التائه ....
ليستجدي ترانيم حرقة العصيان عند وداع الحلم.
ولا يبقى سوى حروف ترسم تصحّر النفس .. وجرحٌ يغور ولا يجد للنجاة طريقاً.
للحروف مواعيد لقاء وللمعاني ألف اعتذار كي تبقى تلك المسافات جريحة ، تتذلّل وهي تنسل أسقام الذات . وها هي تعود وحيدة ترسم دوائر التوهان لألف عام ، ولا خلاص إلا بالفناء وانتهاء الحلم بالعدم .
تتدحرج الكلمات على السطور، وتتلعثم لتحكي عن هذيان الضياع ، تعزفه لحناً على وتر الشجن..
تجيء تارة ثم تغيب.. هناك على حد نقطة ما تأبى الغرق في دوّامات الشفق الأحمر ، فتعود خائبة تحمل حلمها وتلهث بحزن وراء سراب.!
اخترقت عالم الأكاذيب رؤى اجتاحت عتمة الليالي لتسكن في أعماق ثورة بهدوء مرتجل ، وتنسج هلوسة حكايات في أغوار نفس تاهت في بحر قيل أنه "بحر السلام.."
ما أقسى أن تعيش الهلوسة بين جنبات فرح مزيّف تدمره بعد حين، وتواصل العيش مع توهان المجرّات ..
عبثاً حاول أن يغير دفة الشراع ، وانقلب السحر بعصا تخدش نقوش السحر .
من حيث جئنا غرباء لا نملك سوى الذكريات إلى ذلك العالم الذي اخترعناه وصدقناه..ولكنه لم يصدقنا يوماً ...
نجرّ ذيول الخيبة فتصبح نيازك تحترق معها كل الذكريات.
ويبقى القصر مسكوناً بأرواح شريرة لينتزع أحلى الصور ويشوه المرآة بالكذب والخداع .. ويتوه مع الأيام لتصبح دمى القدر مبعثرة هائمة يسكنها الخراب .. وتعيشه زفرات وجع تارة أخرى..
يبقى ذلك النورس بين هذا وذاك بلا جناحين ، وبقلب يحرّر الحروف بالتفاتة مرّة إلى الوراء.. نظرة مقلوعة من شوق إلى ماضٍ ما سكنه يوماً.
وداعا أيها العالم الذي ما استوعب يوماً عبرات سالت في مقل محروقة...
ويبقى قابيل يشيد قصوراً من أطلال الدمار ، وتصبح آلة العصر معول شرّ في يده أين وأنّا رحل..
ترى.! هل شدا الوتر الحزين ذات وقت نغماً.؟
وهل ضاعت سطور السنوات بين أنّات الأوتار، ومحت الصبر من قرار القرار.!؟
أكذوبة الحب الأسطورية، تخيط شباك الآتي من بعيد عبر هذيان التوهان..
منذ متى كانت البداية ؟!.. أم ترى تلك الخاتمة من نسج حلم لم يتحقق يوماً لفرط قناع الشبح القادم من وراء سحب سوداء قاتمة.!
وينتهي الكابوس ليبدأ آخر..
ويبقى التوهان في مركز دائرة تدور على شفة الزمن كأكذوبة ...
وبين الهذيان وعنفوان المأساة تبحر الأشرعة نحو المجهول..
تمخر عباب بحر هائج، لا يعرف هوادة، ولا راحة إلا بالفناء..