لاجدال في ......عروبة العراق
بقلم المهندس خليل حلاوجي
هل يصح تدخل امين الجامعة العربية في شأن عراقي بحت هو فقرة واردة في مسودة الدستور العراقي تخص عروبة العراق !؟
وهل عفا الزمن على رؤى المتشددين للقومية ورسالتهم بالامة العربية الواحدة !؟
وبالتالي هل ينتقص من عروبة العراق ان يرأسه عراقي ... كردي , اوربما عراقي مسيحي او حتى أمرأة عراقية أذا ماقرر الدستور ذلك !؟
ومن هو المؤهل ليعترض اذ ذاك لو حصل مانقول !؟
وللجواب على هذه الاسئلة لابد من توضيح معالم بناء الدولة الدستورية للعراق الجديد وفك الاشتباك او الالتباس بين المفاهيم الجديدة والواقع الطوبغرافي للجغرافية السياسية لسكان البلاد ,
لابد من توضيح ان جميع من يسكن العراق اليوم يسعى لغاية جليلة هي الاعتصام بالمواطنة العراقية والاحتكام الى الدستور في توضيح جدول الواجبات والحقوق لكل مذهب وطائفة وعرق بحيث يقر الجميع بتساوي الجميع امام هذا الدستور , وهنا قد يغيب عن اذهان البعض تلك المفارقة التي لم يعهدوها من قبل .وهي
ان عروبة العراق مسألة لاتخص العرب القاطنين في بلاد الرافدين فحسب بل هي تمس هيئة الدولة التي يستظل بظلالها كل كردي وتركماني وآشوري وسائر العراقيين المتآخين منذ وجد العراق ,وهؤلاء يفتخرون بعروبة واسلامية العراق فمن المعلوم ان عروبة العراق سبقت (الفتح الاسلامي) يوم ان كانت جزيرة العرب الموطن الاصلي لـ (الساميين) الذين خرجوا الى الهلال الخصيب..
ولا ريب في ان العراق من صميم منطقة الهلال الخصيب وهؤلاء الساميون هم العرب الاوائل الذين انتقلوا من عمق الجزيرة العربية الى العراق في وقت مبكر جدا من التاريخ..
يذكر الاستاذ محمد جميل بيهم في كتابه (دراسة وتحليل للعهد العربي الأصيل) ما نصه :
«العرب هم فئة من الساميين الذين كانوا منتشرين ما بين وادي الفرات ووادي النيل.. ومعنى عرب بالعبرانية: بدو.. وبالسامية القديمة: غربيون. وعرفوا بالغربيين عند الامم التي كانت تسكن العراق لأن منازلهم تقع غربي الفرات».
ومؤرخنا العراقي جواد علي أورد في كتابه: تاريخ العرب قبل الاسلام ـ:
«وتدل الادوات المكتشفة على قلتها، على ان شعوب الجزيرة العربية حتى في الأزمان البعيدة عن الميلاد كانت على اتصال بالعالم الخارجي، ولا سيما العراق وبلاد الشام.. والعراق وبلاد الشام، أي الارضون التي يقال لها الهلال الخصيب في الزمان الحاضر وهي من الناحية الطبيعية وحدة لا يستطاع فصلها عن جزيرة العرب.. وليست البادية الواسعة التي تملأ باطن الهلال إلا جزء من جزيرة العرب، وامتدادا لها، لا يفصلها عنها فاصل، ولا يحد بينها حد..
وعندما وصل الاسلام الى العراق: لم يأت بالعروبة لأن العروبة قد سبقته الى العراق بألوف السنين.. فالرجال الذين حملوا الهدى القرآني للعراق، كانوا عرب خلص قدموا من المهد الأول للعروبة: جنسا ولسانا ونسبا مع عرب العراق.
ان الدفاع عن عروبة العراق لا علاقة له ـ قط ـ بالنزوع العنصري، او التطرف القومي:
لان الاسلام طهر نفوسنا وعقولنا من (النزوع العنصري) فاصل الناس جميعا واحد،
والكرامة الآدمية سارية في كل انسان: لا يحرم منها أحد، والله خلق الناس متنوعين في قبائل وشعوب لكي يتمكنوا من التعارف ... فطرة الله التي فطر الناس عليها.
ولو شاء: ألا يتعارفوا لخلقهم غير متنوعين: فالتنوع سبب التعارف ومضمونه وحكمته.
ان مشكلتنا ليست في (وجود قوميات).. وانما في عدم الاعتراف بالقوميات المتمثلة في القبائل والشعوب والألسنة والالوان..
ان ماقام به الامين العام يعطي رسالة خاطئة للبعض لكي يتخندقوا خلف مقولاته برغم ان منصبه لايتيح له التدخل ومن حقه التعبير عن اراؤه بحرية وما يتضمنه فكره السياسي الخاص به عن القومية العربية ولاأوافقه علي أملائاته لانها ببساطة غير واقعية ولاتغني أي عراقي من جوع ولاتأمنه من خوف في الوقت الذي ننتظر من كل العرب موقفا" مخففا" لمعاناتنا او على اقل تقدير موقفا" يلم الشمل ولا يفرق ابناء الرافدين الحالمين بالغد الآمن والمزدهر.