بحيرة شمع
بحيرة من الشمع تسبح داخل قلبي . يذوب جبل الشمع مع فتيل صغير من اللهب . مشاعري تذوب.. أحقادي تذوب.. كرهي يذوب.. آلامي تذوب.. أحزاني تذوب.. قلقي يذوب.. كل سواد يذوب.. كل هم يذوب.. كل جرح يذوب...
بحيرة متدفقة من الشمع السائل ، الساخن.. ها هي تشق لها مسارات في حنايا القلب.. تتسرب نحو جوانبه.. ثم تسقط.. تسقط.. مثل أمطار الشتاء.. مثل دموعي المالحة.. ثم تتجمد في الخارج.. على صورة ألمي !
تقاطرت دموع قلبي شمعا.. ساحت آلامي.. أسمع دقات قلبي ترتفع ، تبدو أكثر وضوحا ، ولها رنين هادئ ، يشبه نسيم الربيع الطلق .
أشعر بالشفاء.. وبلذعة الجراح داخل قلبي وهي تلتئم.. ولا زال الشمع يتدفق ، ويغلي ، ترتفع فقاعات على سطحه ، ثم تنفجر ، ويتطاير بخارها للأعلى..
آه.. آه.. لذعة شفاء !
الشمع الذي سد منافذ الإحساس لدي.. ها هو يذوب...
الشمع الذي سد منافذ الرحمة.. ها هو يغلي... ومع بخاره تتراءى لي صورة احتضان مع أشخاص كنت أحمل لهم النفور ، ورغبة الانتقام .
تسقط قطرة شمع ساخنة ، ولها دوي.. يصرخ قلبي : أحبهم !
ارتعشت عيناي ، انسابت دموعي ساخنة ، وكأني أراها امتزجت مع سيل الشمع الساخن . أشهد حالة فيضان.. بركان.. وفقاعات تنهد ترتفع.. آه.. آه.. لحظة شفاء !
ثمة جلاميد شمعية تقف صامدة.. بتكبر.. أمام حدة اللهيب. يندفع الشمع الساخن ، فيعلوها ، ولا تذوب معه.. ولا تنجرف مع تياره..
ارتعش القلب بهمهمات ، وأطرق بصري خاشعا مع خرير دموع.. تمتمات تغلي وسط البحيرة :
" إلهي ! إن كنت تعلم صدق نيتي في أن أملك قلبا سليما ؛ فلتقتلع كل جلاميد الشمع.. دعني أتنفس دفء الحياة من جديد.. على عهد طفولتي ."
آه.. آه.. هزات قلبية.. ترعد.. تبرق.. سيل جارف من الشمع الساخن.. والجلاميد تطفو على سطحه صاغرة !
2/3/2007م