ترهات في منتصف البوح
أتساءل الآن و في هذه اللحظة بالذات ... لما ملكة الكتابة هي موهبتي التي لا أتقن غيرها, و لا أحاول أن أرسم بغير الحروف لوحة ؟؟؟ لما لا أجد راحة البال إلاّ عندما أجهض انفعالاتي ,أو تضاجع روحي قصيدة ما فتتعرى أمامها ذاتي و تتكاشف خبايا الروح القابعة في أغوار أنايا البعيد... أمنحها كل الحب و القسوة و الجنون ... أقاوم عبثا عربدة المشاعر التي تحيل كياني إلى شظايا متناثرة لا تتجمع إلّا لتتبعثر من جديد...
أنتهي من لحظة العبث لأجدني غارقا في لحظة أخرى من اللاجدوى و الجنون... و كأنَّ كل اللحظات تريد أن تستفرد بكياني الذي لم يزل مذ الأزل يبحث عن لحظة راقية من الهدوء و السكينة و الخضوع .
هذا المنظر لا أراه بعيني المجردة لتشكل حدودا له فيقع تحت نظرية الحيز المعلوم ... بل هو يتعدى بأجنحة خفية الروح نفسها ليحلق في أجواز فضاء خاص به وحده, لا يستند إلى فكرة معقولة أو حس يدرك تفاصيل خطاه.
فهو ذو لمسة سحرية و رائحة زكية .. مذاقه عذب و لحنه ملائكي النغمات و صورته كالنرجس في استفاقته داخلنا بعد ممات .
إذا حاولت اليد لمسه قبضت حفنة من هواء و إذا أردنا حصره في حيز ما فإننا لا نجد له غير شغاف الروح مسكنا, و نبضات القلب مأكلا, و طريق الحب مسلكا...
في مواقع كثيرة تخونني لحظة الاعتراف, و تكبتها مشاعري لتتجاوبَ مع غيري في مكان ما, و ترسم في جدار صمتي حسرة جديدة تُضاف إلى الخطوط الملعونة التي أحاول دوما أن أحررها من جدار الصمت, لأرقى بذاتي إلى منطقة الرضا الحقيقي, و لكنني عبثا أحاول... كلما محوت خطاً توالدَ من العدم خط جديد, و كأنه صراع لا ينتهي بيني و بيني... ربما لأنني في كل الأحوال, وحتى في هذه اللحظة الحالمة مجرد آدمي من بني البشر.
يقول قلبي أنَّ عقلي قد تمادى في طغيانه, و يقول عقلي أن قلبي قد نسيَّ طريق أماله, و أنا بينهما أرسم ترهات بوح أليم.
أبحث عن لحظة سرمدية تعيدني إلى طفولتي لأعيد تشكيل ملامحي من جديد فوجهي المنبوذ يستغيث و ينادي ... أيا وجهي المنبوذ ردّ إليّ وجهي ..
هشــام